الدمية
بقلم/ مضيفة الجحدلي
يقول زوجها:
كنتُ أسعى جاهدًا لكسب رضاها المستعصي، لإشباع غرورها النَّهِم، لريِّ جذورها الطامعة والمحدقة بما يمتلكه غيرنا من حطام، كنت أرهق نفسي كثيرًا لأوفر لها سبل الراحة والتي تأبى الاعتراف بوجودها ولكنها تظهر جليَّةً على جوانبها المكتنزة ويديها الطريتين.
كان جُلَّ همها الأخذ، وآخر همها العطاء، كانت سطحية المعاني، هشة الفكر، عميقة الزيف والتصنع ولا تجيد العفوية..
كنت أعيش مع دميةٍ ثابتة الملامح
لا يرفُّ لها طرْف ولا يضحك لها سن، وهذا بفضل ما يحقنه أطباء التجميل في وجهها كل ستة أشهر.
كانت تسابق خطوات الموضة في الأزياء والتبرج حتى آل بها الأمر إلى أن صبغت شعرها بلونٍ أخضر مخيف! لدرجة أن طفلنا الرضيع أصابه الهلع من منظرها، ولم يستطع تقبُّلها وبات ليلته باكيًا!.
أما بقية إخوته فأطلقوا عليها لقب "أمنا الشجرة"
فأخذتني نوبة ضحكٍ عميقة لا تتوقف إلا في حضرتها!
للأسف إنها أنانية، وهذه هي الحقيقة المرة التي تجرعنا مرارتها أنا وصغاري.
ولكننا قررنا تلقينها درسًا قاسيًا لتعود إلى صوابها.
أتفقنا بأن نضع لها خطةً محكمة وسنقوم بتنفيذها على أكمل وجه وهي أن ندَّعي بأنها صارت ترعبنا بشكلها، وبأننا لا نستطيع العيش معها في بيتٍ واحد حتى تستعيد مظهرها الطبيعي وحنانها المنشود، ووجودها المفقود.
وبينما كنا نخطط لصالحنا كانت تخطط لصالحها وتتصفح تطبيقات المشاهير لتشتري كل ما جدَّ واستجد.
وبدأنا بتنفيذ خطتنا قبلها بكل صرامةٍ وحزم حتى جنَّ جنونها وأخذ وابل الأسئلة ينصَّب على رأسها صبَّا!
كيف تحولت من أمٍ حنون إلى مسخٍ مخيف؟!
ويخيف من؟
قلوب صغارها، وزوجها الذي بدأ يهرب منها وينام خارج الغرفة.
كيف لم تلاحظ بأنها كانت غارقة في بحر الانشغال بأمورٍ لا طائل منها؟!
وكيف كانت تائهةً في دائرة الإهمال لشؤون بيتها؟!
لذا فكَّرتْ وقررتْ أن تعود إلى جادة الصواب وتلتفت إلى مملكتها ورعيتها وهذا لا يتعارض مع الاهتمام بمظهرها بلا مبالغةٍ ولا هوس.
أخيرًا..
عادت لنا تلك اليد الحانية، والحضن الدافئ، عادت البهجة، ودبت الحياة في عروق البيت، وأصبحنا نعيش كعائلةٍ لا مثيل لها..