الحياة بين إقبال و إدبار !
" الدنيا إذا أدبرت عن إنسان سلبته محاسن نفسه، وإذا أقبلت عليه أعارته محاسن غيره " .
مقولة تُنسب إلى الصحابي الجليل علي بن أبي طالب
- رضي الله عنه - وبين الإقبال والإدبار تتفاوت الآمال وتشاطر الحظوظ بين الناس .
من ابتسمت له الحياة جاءه المديح من كل حدب وصوب ومن أدبرت عنه لاحقته مآثم غيره .
كحال الشاعر المصري البائس عبد الحميد الدِّيب
( وريث الصعاليك ) انتشرت شائعة بوفاته فكتبت مجلة ساخرة تقول ترَدد في الأوساط الأدبية أن الشاعر :
عبد الحميد توفي والحقيقة أنه حي لا يُرزق !
حصل شاعرنا على وظيفة ولم يضعوا لهم مكتب
فقال :
بالأمس كنتُ مُشَرَّدًا أهليًّا
واليوم صرتُ مُشردًا رسميًّا .
انظر إلى خلافة عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - التي استمرت تسع سنين تقريبًا بمكة وانقضت بمحاصرة الحجاج له وأحتزّ رأسه وأرسله إلى الخليفة الأموي بالشام .
الحجاج الذي كان يُعلم الصبيان القرآن في الطائف موطن عشيرته ثقيف وفي الرابعة والعشرين من عمره ملَّ الحجاج التعليم وطموحه إلى السياسة دفعه ليرتحل للشام وانضم إلى شرطة الخليفة عبد الملك بن مروان. تقلب في مراتب الشرطة وأصبح واليًا على العراق فيما بعد ويجالس الخليفة .
في إقبال الدنيا انتهز الفُرص، أترك لك أثر وباع وذراع وأيادي بيضاء طِوال مِلاح .
و إِذا هَبَّت رِياحُكَ فَاِغتَنِمها .
إذا أدبرت الدنيا لا تُطيل الندم واصبر وصابر وفي الحالتين لا تُكابر فالزلل وارد .
يُحكى أنّ المقرئ الكبير الشيخ ( المتولّي ) سافر من القاهرة ليقرأ في طنطا فأخطأ، فلما انتهى قال له قارئ : يا ليت تقرأ على المتولي فقال : ما أنا الزفت المتولي !
قد تكون الصورة المُنطبعة في ذهنك عن نفسك وقدراتك وإمكانياتك قاصرة على ذاتك وتُكبلك في مصيدة الغرور والآخرون لهم رأي مختلف .
سُئل أحد ممثلي هوليود عن أحرج موقف له فقال :
ركبت مع سائق تاكسي فعرفني فقلت له : إذن قد عرفتني ، فقال: نعم أرَ أيت شدّة اهتمامي بتوافه الأشياء !
أطوي الكلام بذكر كتابين استوحيت منهما المقال :
الأول كتاب : ظِلال الأشياء ليالي عبد الله الهدلق - انتقاء : صالح الخليفة .
الثاني كتاب : أخيار وأشرار - لصاحبه : عارف حجاوي .
- بقلم إبراهيم الجنيدل .
- الجمعة الموافق : ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ .
- ٢٦ أبريل ٢٠٢٤ م .