الكاتبة - سميرة عبدالهادي
لمحت عصفورًا يقف على حافة يعزف لحنًا يحاكي العقل ويدوي القلب.أطربني صوته فأغمضت عيني لعلي ألتقط حلمي الذي غدا كسراب يقترب ويبتعد ولا ألمسه أبدًا. اقتربت منه وأسررت له في أذنه: ما أروعك وأنت تفترش أجنحتك لتحلق بها عاليًا فوق البحار والجبال والوديان، ويا لجمالك وأنت تتراقص مع النسمات في حضن السماء فرحًا وطربًا! نغماتك العذبة أشبه بأغنية عُزفت كلماتها بأعذب الألحان، أنت حرٌ أبي لا تُقيّد أحلامك، الأرض لك مسكناً والفضاء لك ملاذاً.
نظر إليّ ولمح دمعةً بطرف عيني وابتسامةً غصّت بحنجرتي وبصوته الشجي هتف لي: "أنتِ مثلي"، فأجبته: "كيف لي أن أكون مثلك وأنا مقيدة بقانون الحياة وظلم البشر؟ بل لم يعد لدي القدرة على إحتضان" أحلامي وآمالي . أمتلك جسدًا بائسًا أرهقته قسوة الأيام ؛ فانطفأت شمعة الأمل بداخله ، وأصبح مظلمًا كئيبًا. ظننت أن الكره دليلًا على القوة، والتملص يجعلني أذكى، والقسوة وكبرياء جدار صلب لا يميل ولا ينكسر وقليل من الغرور يبعد الخوف ويبدده. خيَّم الصمت بيننا فإذا به يمد جناحيه لي فما كان مني إلا أن اختبأت تحتهما. داني و همس لي: "تعالي معي نتمايل بين أشعة الشمس الذهبية لتنثر الدفء بين حنايا عتمتك، ولترتشفي من ينابيع الأمل أعذبها وعندما يخيم الليل تحرسك نجومه ويُضيء قمرها عتمتك، رجوتك لا تكوني أسيرة حكاية جفت أشجارها وتساقطت أوراقها ونخر السوس بلحائهاُ بل ثابري، جاهدي، لا تيأسي، لا تستسلمي لكلمات المستحيل والإحباط فأنتِ من اعتاد الجميع أن يراها قوية صامدة أمام متقلبات الحياة، واعلمي أن لكل شيء حد ونهاية مهما طال العناء، طرزي كل ليلة خيوط أحلامك ولا تسمحي لأحد ما أن يعبث بها وانتظري بزوغ الفجر لتزيني حياتك بارتدائها، فأنتِ وحدك فقط تستطيعين تغيير حياتك .