الأحد, 03 ديسمبر 2023 06:55 مساءً 0 213 0
أصغ/ سلافة سمباوه
أصغ/ سلافة سمباوه

أصغ 

للكاتبة : سلافة سمباوه


هل يمكن أن تعيش في حياتك بدون أن تسمع؟ 
حتى الذين لا يسمعون  بسبب مرض ما يصغون 
هل ترى  الفرق ؟ 
 إن تسمع جزء من أفعال يومية مختلف عن الاصغاء بكل مافيك من حواس  ، ترهف سمعك و مشاعرك وحواسك تتأهب لما سيلقى  أو يقال 
أن تصغي بوعي محب مستقبل متأهب أو أنه سيصبح جدلاً لا معنى له  كحوار اطلقنا عليه حوار الطرشان 
حيث  لا مكان للعقل والمنطق، بل اتباع هوى القلب والرغبة في الانتصار هي ما يحركنا أمام الآخر، للرد عليه والانتصار بآرائنا، فنسد كل مداخل العقل من حواس سمعية وبصرية، ونبقي منافذاً تغذي رغبة نفوسنا بالانتصار الصفري، إذ لا مكان للآخر فيه، ولا نبقي له باقية.

اختلاف زوايا النظر في مختلف القضايا يخلق إدراكاً مختلفاً لدى كلٍ منا، مما يجعلنا نبني آرائنا وتصوراتنا بطريقة تختلف عن الباقين، ويجعلنا مختلفين عنهم، وهذه طبيعة بشرية. وليس المطلوب إلغاء تصورات الآخر، بل فهم موقعه وزاوية نظره للموضوع، والتعرف على المدركات التي أوصلت به إلى هذه النقطة.
 
عالم الأفكار مرتبط بشكل مباشر مع عالم المشاعر، ويؤثر أحدهما بالآخر، فالفكرة الجديدة تتلقفها مشاعر تولدت سابقاً، والمشاعر الجديدة تسحب معها أفكاراً جديدة لا تلبث أن تتحول إلى قناعات راسخة، وهذا ما يزيد صعوبة تغييرها مستقبلاً، إذ نحتاج إلى لعب بالمشاعر وتغيير لها مرة أخرى للوصول إلى القناعات الدفينة أسفل منها.

في كثير من النقاشات ننسى الخلفيات والتراكمات الثقافية التي بنيناها وبنيت معنا على طول السنوات الماضية، ونحاكم الآخر كما لو أنه عاش تجربتنا وجلس في كرسينا طوال تلك الفترة. الانتباه إلى اختلاف نقاط الإدراك وآلية معالجة المدرَكات يعالج كثيراً من الاختلافات، ويقرب المسافات، بغض النظر إن توافقنا في النهاية أم لم نتوافق، إذ يكفي احترامنا لمعتقدات غيرنا وتقديرنا لآرائهم وأفكارهم.
 
كم منا عاش تجربة حوار لم يرد المقابل له فيها أن يتحدث، فضلاً عن أن يسمعه ويصغي إليه بشكل جيد، بل كان يشغل فكره وباله بتقليب أفكاره وتدويرها ليبحث عن نقطة مركزية يحولها إلى قنبلة نووية يقصف فيها مقابله وينهي النقاش لصالحه! كم مرة استمعنا لنفهم المقابل، وندرك أبعاد فكرته؟ فلعله بدأ من نقطة صحيحة أو انتهى إلى نقطة تجمعنا، وكم مرة تحدثنا بروية وهدوء لنوضح أفكارنا ونشرحها بطريقة أفضل من الهجوم والقصف؟ كم مرة قلنا: "هذه وجهة نظري" أو "هذا ما أراه"، بدل أن نقول: "الأمر هكذا بلا نقاش"!

كم من نقاش كان مساحة متبادلة للأفكار والآراء وتنوير للعقل بدل أن يكون ساحة حرب وصراع وخلاف؟ في النقاشات الفكرية لا يوجد معارك صفرية، يفوز فيها الأول وينتهي فيها الآخر، فهذا محال! بل فيها أفكار متناقضة تقف في وجه بعضها الآخر، وتتعارك، وتتقدم وتتأخر، وربما تتحد للوصول إلى فكرة جديدة لم تخطر على بال أي منا من ذي قبل.

لا يوجد وصفة سحرية تحول نقاشاتنا إلى حوارات بناءة وهادفة! بل هناك سلوكيات سيئة لا بد أن نتخلى عنها أولاً، وسلوكيات جيدة علينا تبنيها، فقبل الطلب من الآخرين أن يفهمونا يجب أن نفهمهم، ونوصي أنفسنا بالإصغاء الجيد بدل إشغال الذهن بالتفكير برد يقصم رقبة أفكارهم. وبدل التفكير بالقضاء على أفكارهم، علينا أن نشغل أذهاننا فيها قليلاً، ونفتح المنافذ لها لتعبر إلى أعماق عقولنا، فنقلبها وندرسها ونجلس على كراسي من اعتنقوها قبلنا، فلعلها تكون فتحاً جديداً لنا.
 
فكم من فكرة مرت من أمامنا ولم نعبئ بها، لنجد أنفسنا من الداعين لها بعد سنوات، وكم فكرة فقدنا السبق في اعتناقها لأجل أن نرضي نزوات قلوبنا وأهوائنا! فالموضوع بسيط، سلوكيات حوار جيد يؤدي إلى حوارات جيدة، وإلا فوفر على نفسك الوقت والجهد وضغط الأعصاب

عندها تصغ جيداً ، تحاور بوعي ، ستصل 
عندما تتخلى عن تراكمات حركها الحوار ستفعل 
لا أحد في معركة  ، كل ما في الأمر أنه فن  ، 
استشعر هذا الفن واصغ لنفسك لحوارك الداخلي ، او حتى لأنفاس الصباح ومخلوقات الله اصغ 
كل ما اصغيت ارتقيت.

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر
أصغ / سلافة سمباوه

محرر الخبر

سلمى البكري
محرر وناشر
مدير تحرير القسم الأدبي بالصحيفة

شارك وارسل تعليق

بلوك المقالات

الصور

.

.

أخر ردود الزوار

الكاريكاتير

استمع الافضل

آراء الكتاب

admin الدعم الفني
صحفي في قسم مناسبات, رئيس فريق الدعم الفني شبكة نادي الصحافة السعودي
شبكة نادي الصحافة السعودية موجودة في "مبادرة تمكين جودة الحياة
2023-09-07   

آراء الكتاب 2

admin الدعم الفني
صحفي في قسم مناسبات, رئيس فريق الدعم الفني شبكة نادي الصحافة السعودي
شبكة نادي الصحافة السعودية موجودة في "مبادرة تمكين جودة الحياة
2023-09-07   
جمعه الخياط جمعه الخياط
صحفي في قسم صحة, رئيس مجلس ادارة صحيفة صوت مكة الالكترونية
مركز التطوع الصحي بوزارة الصحة يكرم صحة مكة المكرمة
منذ 5 يوم و 3 ساعة   
ابراهيم حكمي ابراهيم حكمي
صحفي في قسم مقالات, مدير الدعم الفني والنشر
الذهب الوردي السائل في المملكة
2024-05-07   
ايمان محمد ايمان محمد
صحفي في قسم تعليم, اعلامية ومراسلة صحفية في مجموعة شبكة نادي الصحافة السعودي
تجربة فريدة لمهندس سعودي يحول أقسام المستشفيات للوحات فنية مبهرة
2018-04-30   
فايزه عسيري فايزه عسيري
صحفي في قسم اخبار محلية, كاتبة وناشرة ببوابة صوت مكة التثقيفية
أمانة مكة تنظم ورشة حماية النزاهة وتعزيز الشفافية
2022-08-24   
بدر فقيه بدر فقيه
صحفي في قسم اخبار محلية, || محرر وناشر في شبكة نادي الصحافة السعودي. بكالوريوس نظم المعلومات من كلية الحاسب الألي بجامعة الملك خالد بأبها
عندما يتعرض مصاب بالسكري لنوبة انخفاض السكري وهو واعي
2018-11-20   
عيشه حكمي عيشه حكمي
صحفي في قسم اخبار محلية, محررة وناشرة بالصحيفة
رحلة اكتشافه للبيوت التراثيه لقريه عتود
2019-01-04   
حنين مسلماني حنين مسلماني
صحفي في قسم ثقافة وفنون, محرر وناشر
متصل الان (أحاديث قهوة )
2019-01-18   
شمعه خبراني شمعه خبراني
صحفي في قسم اخبار محلية, محرر وناشر بصحيفة صوت مكة الاجتماعية
وزارة العدل تتيح الاستعلام الإلكتروني عن الإقرارات
2019-12-15   
حورس الدعم الفني
صحفي في قسم اخبار محلية, مسؤول الدعم الفني
صناعة المشاريع دورة تدريبية بمكة
2024-01-24   
ساميه بكر سامية بكّر
صحفي في قسم مقالات, مدير تحرير القسم النسائي بمكة
مسيرة عطاء
2020-11-20   
سلمى البكري سلمى البكري
صحفي في قسم مقالات, مدير تحرير القسم الأدبي بالصحيفة
الحياة بين إقبال وإدبار
2024-04-26