هل لمعاناة الإنسان نهاية؟
الكاتب : هتان المدني
عندما نتحدث عن المعاناة، الكثير من الناس يعتقدون بأن الإنسان له نهاية مع معاناته ، فهل هذا التصور والاعتقاد صحيح بالفعل؟
من خلال بحثي واطلاعي بل وتجاربي أيضاً في الحياة ، تم الجواب على هذا التساؤل والإجابة بكُل تأكيد لا، لا يوجد شيء اسمه نهاية المعاناة بالكلية وخلو هذا الإنسان منها. فعندما نتفكر ونتدبر القرآن الكريم نجد بأن الكثير من الآيات الكريمة تُبين لنا بأن خُلِق الإنسان وخُلِق معه معناة مرافقة له، يقول الله جل في علاه } لقد خلقنا الإنسان في كبد{ ، فقال ابن القيم في تفسيره لهذه الآية :
إن الإنسان مخلوق في شدة بكونه في الرحم ثم في القماط والرباط، ثم هو على خطرٍ عظيم عند بلوغه حال التكليف ومكابدة الحياة والمعيشة والأمر والنهي، ثم مكابدة الموت وما بعد البرزخ وموقف القيامة ، ثم مكابدة العذاب في النار، ولا راحة له إلا في الجنة.
فالدنيا ليست دار للراحة بل هي دار عمل واختبار وشدائد، فلماذا جعل الله سبحانه وتعالى أجر عظيم للصابرين؟ قال تعالى} وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون{ ، فضل الصبر وما لأهلهِ من البُشرى، وما سيكون لهم من الهدايات والصلوات، فهؤلاء هُم أهل الاهتداء و أهل الرحمة.
في حياتنا الدنيوية عندما كُنا ملتحقين في الصفوف الدراسية، أليس كان شرط النجاح والحصول على شهادة أو الانتقال من مرحلة إلى مرحلة دراسية أعلى يجب أن ندرُس ونجتهد ونقدم لاختبارات منتصف العام والنهائية؟ أليس كُنا نمر بمراحل ضغط نفسي وجسدي عاليين لكي يزول هذا الهم العظيم؟ ، ولله المثل الأعلى، كيف لك أن تنجح وتفوز برضى وغفران الله جل في علاه وجناتٍ عرضُها السماوات والأرض وجريان الأنهار من تحتها وأنت لم تُقدم اختبارات تُبين مدى سعيك لهذا النجاح؟
أليس الله سبحانه وتعالى بقادرٍ على أن يُعطي جميع البشر الجنة من دون حساب؟، بلى وهوا صاحب الجود والكرم، ولكن من تمام عدله وهوا العدل سبحانه بأن جعل هذه الدنيا دارُ ابتلاء واختبار لكي يُنزل منازل المجتهدين وغير المجتهدين في الجنة، أو المُكذبين والكافرين به منازلهم في النار أعاذنا الله وإياكم إياها.
ليس الهدف من هذا المقال عزيزي القارئ هو احباطك، بل الهدف تطمينك بأن هذه المعاناة التي تعيشُها والتي ستعيشُها إذا أدركت حكمت الله سبحانه وتعالى فيها ورضيت بها مع حُسن الظن به سبحانه، هي رفعةً لك في دار القرار دار الخلود في الدار التي ننظُر لوجهه الكريم سبحانه، دارٌ ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولم تخطر على قلب بشر.
وأليك هذه القاعدة الذهبية والتي استنتجتُها وتعلمتُها من بحثي وتجربتي وهونت علي مصائب الدنيا، " لكل معاناة نهاية ولا نهاية للمعاناة ".