دع القلق وابدأ الحياة !
عنوان كتاب وصلني كإهداء لصاحبه : ديل كارنيجي.
أعز الناس وأقربهم إلى قلبي لمس مدى احتياجي لطرد القلق من حياتي بزعمه فقدم لي هذا الكتاب مشكورًا .
كتاب ذاعَ صيته وانتشر بريقه وبيعت منه أكثر من
( ٦ ملايين نسخة ) حول العالم بلغات شتى .
انتشرت شائعة عن مؤلفه الأمريكي ديل كارنيجي - أنه مات منتحرًا ، ولادليل على ذلك وقد توفي مريضًا بالسرطان .
ولد عام 1888- وتوفي عام 1955 م . ولا زالت كلماته حيّة مطبوعة مبثوثة في المكتبات .
صاحبنا لاحظ أن القلق من أكبر المشكلات التي تواجه البشرية ولم يسلم منها لا رجال ولا نساء مهما عظمت مناصبهم وأعمالهم أو قلت حِرفهم ومهنتهم إلا والقلق له نصيب من حياتهم، فقرر الذهاب إلى مكتبة نيويورك العامة للبحث عن مراجع وكتابة كتاب لردع القلق .
اكتشف شيئًا أذهله في مكتبة نيويورك ( أن المكتبة لديها اثنان وعشرون كتابًا فقط تعالج القلق بينما يوجد لديها مائة وتسعة وثمانون كتابًا تحت بند الديدان أي ما يقرب من تسعة أمثال عدد الكتب الموجودة عن القلق .
إنها حقيقة مذهلة أليس كذلك؟!
لقد ألقيت نظرة على الاثنين والعشرين كتابًا التي تتحدث عن القلق والقابعة على أرفف مكتبة نيويورك العامة، بالإضافة لهذا قمت بشراء كل الكتب التي أتيحت لي، وكانت تتناول القلق إلا أنني لم أجد أي كتاب يصلح لذا قررت أن أقوم بتأليف مثل هذا الكتاب بنفسي ) .
لتحرير الكتاب أمضى سبع سنوات جمع فيها الحِكم والمقولات وساق الكثير من القصص وهذا السر في اعتقادي لنجاح كتابه كثرة الأحاديث والتجارب الواقعية الواردة في الكتاب حتى بلغ الآمر به فقال:
( اعتقد أنني استمعت لأحاديث وتجارب عن كيفية التغلب على القلق أكثر من أي شخص آخر على ظهر الأرض … فهذا الكتاب لم يخرج من برج عاجي وليس للنظريات الأكاديمية … هو تقرير موثق وموجز عن الكيفية التي تغلب فيها آلاف البالغين على القلق ) .
جاء في الكتاب عن وصفة سحرية للتغلب على المواقف المقلقة بثلاث خطوات اسأل نفسك :
١- ما أسوأ شيء يمكن أن يحدث ؟
٢- قم بإعداد نفسك، إذا لزم الأمر .
٣- ثم حاول بهدوء تحسين الصورة إلى الأفضل .
كتاب دخولك فيه ليس كخروجك منه ، وأنا خرجت بهذه النقاط :
١- تغيير زاوية النظر والتمعّن في الجانب المضيء بالحياة . تأمل هذا النص :
( نظر رجلان من قضبان السجن الحديدية رأى أحدهما الطين ، ورأى الآخر النجوم ! ) .
٢- عدم إضاعة الوقت في محاولة تغيير ما لايمكن تغييره بل تقبله .
٣- التركيز على اللحظة الراهنة دون استجلاب الماضي وإرهاق النفس في تفاصيل المستقبل .
٤- أذكر تشبيه جميل لخفض وتيرة القلق وكسب الأصدقاء في زمن الضحيج وشهوة الحديث يقول :
" عندما يحادثني أحد أكون مسترخيًا كطفل نائم " .
الجدير بالذكر أن الكتاب تقبله الشرق من الغرب بقبول حسن .
كَتب محمد الغزالي - كتابه : جدد حياتك - على ضوء كتاب : دع القلق . وهذه عبارته كما جاءت في كتابه :
( لقد قرأت كتاب «دع القلق وابدأ الحياة للعلامة ديل كارنيجي» الذي عرَّبه الأستاذ: عبد المنعم الزيادي . فعزمت فور انتهائي منه أن أرد الكتاب إلى أصوله الإسلامية … لا لأن الكاتب الذكي نقل شيئًا عن ديننا، بل لأن الخلاصات التي أثبتها بعد استقراء جيد لأقوال الفلاسفة والمربين وأحوال الخاصة والعامة تتفق من وجوه لا حصر لها مع الآيات الثابتة في قرآننا والأحاديث المأثورة عن نبينا ) .
يُحكى أن الشيخ : عبد الرحمن السعدي صاحب التفسير كَتب كتاب بعنوان : ( الوسائل المفيدة للحياة السعيدة ) بعد فراغه من قراءة كتاب ( دع القلق وابدأ الحياة ) .
للموازنة أسوق عبارة أوردها الجاحظ - في كتابه الحيوان تضع الكُتب ودورها في وضعها الطبيعي لا إفراط ولاتفريط دونكم يا معشر القرّاء هذه الكلمات :
( إن الكُتب لا تحيي الموتى، ولا تحوّل الأحمق عاقلا ولا البليد ذكيًّا ولكن الطبيعة إذا كان فيها أدنى قَبُول فالكتب تشحَذُ وتَفتِق وتُرهِف وتَشفي .
ومن أراد أن يعلم كل شيء فينبغي لأهله أن يداووه ! ) .
بقلم : إبراهيم الجنيدل .
يوم الأربعاء : ٢٨ ذو القعدة ١٤٤٥هـ - 5 يونيو ٢٠٢٤ م .