هل سامحت ؟
الكاتبة : سلافة سمباوه
مع كل حديث مع المقربين أو حديث عابر في أي مجتمع أو لقاء ستجد بين طيات الكلام غصة في فلتات اللسان أو حركات الجسد والايماءات، أحيانا تجد الشخص قد نجح في إخفاء غصاته والبعض الاخر لم يستطيع ذلك
من منا لم يتأثر بتصرفات الآخرين أو كلامهم؟ ربما تعرضت في نشأتك لانتقاد من أحد الوالدين باستمرار، أو أفسد لك أحد الزملاء مشروعًا أو ربما خضت تجربة تسببت لك في صدمة، مثل التعرض للإيذاء الجسدي أو العاطفي من شخص قريب منك. هذه الجروح النفسية تخلف مشاعر مستمرة من الندم والمرارة والغضب، بل والكراهية أحيانًا.
ولكن إن ظللت تتجرع مرارة الألم باستمرار، فقد تدفع ثمنًا غاليًا.
مع المزيد من الاحاديث تسمع احدهم يقول : لن أسامحه لا في الدنيا ولا الأخرة ، والبعض الاخر يسلم جروحه والمه لله ويقول سامحت
هل سامحت ؟ مع المسامحة والعفو، فستسلك طريق السكينة والأمل. ولو تدبرت في الصفح، لعرفت أنه يأخذ بيديك إلى الراحة البدنية والعاطفية والروحية.
ماذا يعني التسامح؟ اتخاذ قرار متعمد بالتغاضي عن الشعور بالاستياء والغضب.قد يلازمك الفعل الذي سبب لك الشعور بالجرح أو الإهانة طوال الوقت. لكن يمكن أن تؤدي محاولة التسامح إلى تقليل سيطرة هذا الفعل عليك. ويمكن أن يساعدك على التحرر من القيود النفسية التي يفرضها الشخص الذي أساء إليك. في بعض الأحيان، يمكن أن يؤدي إلى الشعور بالتفهم والتعاطف والرحمة تجاه الشخص الذي سبب لك الشعور بالجرح.
ولا يعني التسامح نسيان الضرر الذي تعرضت له أو التجاوز عنه. ولا بالضرورة السعي لإصلاح ما فسد في علاقتك مع من تسبب في جرح مشاعرك. بل يجلب لك الشعور بالراحة التي تتيح لك التركيز على نفسك وتساعدك على الاستمرار في الحياة.
لماذا نسامح ؟
التخلي عن الحقد والشعور بالمرارة يمكنه أن يفسح المجال لتحسين الصحة والتحلي براحة البال. وقد يؤدي إلى بناء علاقات صحية، تحسين الصحة العقلية، الحد من القلق والتوتر والعدائية، تقليل أعراض الاكتئاب.خفض ضغط تقوية جهاز المناعة ، تحسين صحة القلب وتقدير الذات.
من السهل جدًا حمل الضغينة، حين تتعرض للإيذاء من أحدهم، وخاصةً إذا كان شخص تحبه وتثق به، فقد تنتابك مشاعر الغضب والحزن والارتباك. وإذا كنت تفكر كثيرًا في الأحداث أو المواقف المؤذية، ستجد أن شعورك بالحقد والاستياء والعداء يزداد حدة. وإذا سمحت للمشاعر السلبية بالسيطرة على المشاعر الإيجابية، فقد تجد نفسك منغمسًا في الشعور بالمرارة والظلم.
بعض الأشخاص بطبيعتهم أكثر تسامحًا من غيرهم. ولكن حتى إذا كنت ممن تسيطر عليهم مشاعر الحقد والغضب لفترات طويلة، يمكن لأي شخص تقريبًا أن يتعلم كيف يكون أكثر صفحًا وتسامحًا.
إذا كنت تشعر بعدم قدرتك على العفو والتسامح، فقد ينتج عن ذلك
التنفيس عن شعور الغضب والمرارة عبر العلاقات والتجارب الجديدة.الانغماس في الخطأ بدرجة لا يمكنك معها التمتع بما لديك.الشعور بالاكتئاب أو سرعة الغضب أو القلق. فقد علاقات الترابط الثمينة مع الآخرين.
هل جربت ان تسامح ؟
يمثل التسامح التزامًا بإجراء تغيير. وهذا يتطلب ممارسة. ولتتمكن من الشعور بالصفح يمكنك إدراك قيمة التسامح والطريقة التي يحسن بها حياتك، تحديد ما تحتاج إلى معالجته والشخص الذي تريد مسامحته، الاعتراف بمشاعر الأذى الذي لحق بك، وتحديد مدى تأثير هذه المشاعر في سلوكك، والعمل على التخلص منها. التخلص من سيطرة هذا الشخص المسيء على حياتك والتغلب على تأثير الموقف الذي تسبب فيه.
ماذا يحدث ان لم تسامح ؟
يمكن أن تكون المسامحة صعبة، خاصةً إذا كان الشخص الذي يؤذيك لا يعترف بارتكاب الخطأ. مارِس التعاطف. جرّب رؤية الموقف من وجهة نظر الشخص الآخر.اسأل نفسك عن الظروف التي ربما قد دفعت الشخص الآخر للتصرف بتلك الطريقة. فلربما كنت ستتصرف بالطريقة نفسها إذا واجهت الموقف ذاته.فكِّر في الأوقات التي سامحك فيها الآخرون.اكتب في دفتر يوميات أو الجأ إلى الدعاء أو استعِن بالتأمل الموجَّه. أو تحدَّث إلى شخص تتوسم فيه الحكمة والطيبة،
اعلم أن المسامحة عملية تستغرق وقتًا. وحتى المساوئ الصغيرة قد تحتاج إلى إعادة نظر ومسامحه مرارًا وتكرارًا. إذا كان الحدث المؤلم يتضمن شخصًا تقدّر العلاقة التي تجمعكما معًا، فحينها يمكن أن يؤدي التسامح إلى تسوية الخلاف. ولكن الحال ليست كذلك دائمًا، فقد تكون تسوية الخلاف مستحيلة إذا كان الشخص المسيء قد توفى أو لا يرغب في التواصل معك. وفي حالات أخرى، قد لا تكون تسوية الخلاف مناسبة. ولكن يظل التسامح ممكنًا وإن تعذرت تسوية الخلاف.
ماذا لو لم يتغير الشخص الذي أسامحه؟
تغيير الشخص الآخر ليس هو المقصود من الصفح. بل الأمر متعلق بالتركيز على ما يمكنك السيطرة عليه في اللحظة الراهنة. عليك أن تعلم أن الصفح قد يكون سببًا لتغيير حياتك؛ فهو يجلب لك السلام النفسي والسعادة الروحية والعاطفية. فالصفح قد يحررك من هيمنة الطرف الآخر واستحواذه على حياتك.
ماذا لو كنت أنت الذي يحتاج للصفح؟
تقييم الأخطاء التي ارتكبتها والاعتراف بها صراحةً ومعرفة مدى تأثيرها على الأشخاص الآخرين. لكن تجنَّب محاكمة نفسك بقسوة.
وإذا كنت تشعر بالفعل بالأسف بسبب تصرف أو قول بدر منك وتريد طلب العفو، ففكر في التواصل مع من أسأت إليهم. وعبر عن شعورك الصادق بالأسف أو الندم. واطلب العفو من دون اختلاق أعذار.
تذكّر أنه لن يمكنك إجبار أحد على مسامحتك. إذ يحتاج الآخرون إلى اتخاذ قرار الصفح والمسامحة في الوقت الذي يناسبهم. وتذكّر أن المسامحة عملية تستغرق وقتًا. ومهما حدث، عليك الالتزام بمعاملة الآخرين برحمة وتعاطف واحترام.