سلسلةلقاح الوعي بالعشرية 10 "
دولة الخلافة المزعومة وماخفي كان اعظم
يسعى الرئيس التركي الذي يتربع على عرش دولة علمانية، إلى منافسة المملكة العربية السعودية على قيادة العالم الإسلامي، ويتناسى متعمدًا أن أنقرة شهدت في عهده زيادة غير مسبوقة في سوق الجنس، حتى أصبحت تحتل المرتبة العاشرة عالميًا في الدعارة، بل الأكثر من ذلك، أن الحكومة التركية تجمع الضرائب من بيوت الدعارة، بالمليارات سنويا وليس للحزب الحاكم حاليا اي عذر لأن مضت الان سنوات منذ ان اصبحت زمام الامور في ايديهم.
إن البعض قد يتحدث بأن "أردوغان" لا يملك من أمره شيئًا في ما يسمى بإباحة أو منع الدعارة، وبأن نظام الدولة أو الدستور هو من يسمح بذلك، وبأن تغير الدستور في حاجة إلى بعض الوقت، الإجابة على هذا الافتراض ستنزل على أصحاب هذا الرأي كالصاعقة، فتقنين الدعارة في تركيا حدث بموجب قانون أعدته حكومة حزب الحرية والعدالة الذي يترأسه الرئيس التركي في 26 سبتمبر عام 2004، ووصلت عائدات أنقرة من تجارة الجنس لـ 4 مليارات دولار، وتضاعف عدد العاملات بهذا المجال بمعدل 220% في ظل حكم حزب "العدالة والتنمية" وفقًا لصحيفة زمان التركية، ليست الدعارة فقط هي من انتشرت في عهد زعيم الخلافة المزعومة، بل الشذوذ أو المثلية الجنسية بدأت في صعود وانتشار كبير للغاية، من خلال منح المثليين الكثير من الحقوق، ففي تسجيل شهير منتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الرئيس التركي: "المثلية يجب أن تمارس تحت ضمان قانوني، والمعاملة التي يتلقاها المثليين غير إنسانية"، وفي عهده شهدت تركيا مسابقة اختيار ملكة جمال المثليين جنسياً، كما تم إصدار أول مجلة لهم، وعقد أول حفل قران لزواج أول شابين مثليين، في تاريخ تركيا، فهل هذه هي ثقافة وأخلاق المسلمين التي تسعى دولة الاسلام إلى نشرها في عالمنا العربي والإسلامي؟.
تناقضات تركيا مستمرة، وتزداد يومًا ما بعد يوم، فتركيا تملء الدنيا صراخًا عن الاعتداءات الاسرائيلية، ولا تحرك ساكنًا لوقف هذه الاعتداءات ضد الشعب الفلسطيني، في حين أنها من أكثر الدول التي لديها علاقات وطيدة مع تل أبيب، ولا تتوقف عن المتاجرة بالقضية الفلسطينية، لتحقيق أغراض سياسية، وللسيطرة على رجل الشارع البسيط، فلك أن تعلم أن تركيا تستحوذ على 70% من تجارة الدول الإسلامية بالكامل مع تل أبيب بحجم تبادل تجاري تجاوز الـ4 مليار دولار، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول حقيقة المواقف التركية المعلنة، ويكشف الفجوة الموجودة ما بين الخطاب السياسي والواقع الفعلي المطبق على الأرض، ليس هذا فحسب، بل إن التبادل التجاري بين أنقرة وتل أبيب ارتفع مرتين ونصف، منذ أن تولى حزب الحرية والعدالة الحكم في انقرة حتى الآن، وفقًا لصحيفة زمان التركية.
يتناسى الرئيس التركي مجددًا كونه رئيسًا لبلد مسلم، ويترك أراضيه لحلف الناتو لشن الحروب على الدول الإسلامية، ويدعم ايضا الناتو بطائرات وطيارين وجنود في كل ضرباتهم التي قامو بها على مر السنوات اثناء رئاسته .
فالطائرات الأمريكية شنت الكثير من الغارات ضد المسلمين من قاعدة انجرليك التركية، وارتكب الحلف العديد من المجازر في العراق وأفغانستان وغيرها من بلاد المسلمين بدم بارد، ولا ننسى جريمة الضرب البربرية التي قل نظيرها في التاريخ عندما قُتل8000 مُسلم في البوسنة برعاية قوات الحلف، ليس هذا فقط ، بل عندما قررت أمريكا سحب قواتها من أفغانستان بعد قتل 111 ألف مسلم على أقل تقدير وفقا لبعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان، أعلن أردوغان أن بلاده ستكون "البلد الوحيد الموثوق به" الذي يحتفظ بقوات في أفغانستان وقال: "أمريكا تستعد لمغادرة أفغانستان وعندما ترحل، فإن البلد الوحيد الموثوق به والذي سيبقى لمواصلة العملية هناك بالطبع سيكون تركيا".
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة وبصورة ملحة، لماذا يقوم الرئيس التركي بمهاجمة إسرائيل في العلن أمام شاشات التلفاز، وفي الخفاء يطلب ود ورضاء تل أبيب؟، الإجابة على هذا السؤال تتمثل في أن الرئيس التركي يقوم بمهاجمة اسرائيل في اطار العمل على تحقيق شعبيته في الداخل التركي والعالم الإسلامي، خاصة مع الترويج لأنقرة على أنها زعيمة للعالم الإسلامي، مستغلاَ في ذلك قضية "القدس" قضية العرب والمسلمين الرئيسية التي تعتبر أرض خصبة لممارسة هجومه ضد تل أبيب، بينما العلاقات الاقتصادية بين البلدين على أعلى مستوى، وفي تزايد مستمر.
إن انحياز أنقرة لبعض الجماعات المتطرفة بعد ما يسمى بالربيع العربي (الجحيم العربي)، أدى لوضع تركيا في نفس البوتقة مع إيران، فنرى التدخلات التركية العسكرية المباشرة أو عبر المرتزقة لم تتوقف خلال السنوات الأخيرة، وفي اتساع مستمر سواء في العراق أو سوريا أو ليبيا، هذه التدخلات أدت لصدور انتقادات حادة للدور التركي المريب من الكثير من قادة العالم الإسلامي، حتى انه تم وصف أنقرة بأنها أحد أضلاع مثلث الشر في المنطقة في إشارة إلى "إيران والجماعات المتطرفة وتركيا".
فالرئيس التركي كاد أن يدخل في حرب إقليمية في ليبيا، من خلال إرسال مرتزقة سوريين، وقوات تركية نظامية إلى طرابلس بالمخالفة لقرارات مجلس الأمن الدولي، ليس من أجل دعم أو مؤازرة فريق سياسي كما هو معلن، ولكن بهدف السيطرة على موارد هذا البلد العربي الشقيق، فأنقرة تنظر إلى ليبيا على أنها مغارة علي بابا، خاصة أنها دولة غنية جدا بالنفط والغاز الذي تستورده أنقرة من الخارج بفاتورة استيرادية تصل لـ40 مليار دولار، ويصل حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي الليبي لـ80 مليار دولار وفقًا لمؤسسة التجارة والاستثمار الألمانية، في حين تعاني تركيا من الركود والعجز حتى عن دفع أقساط الدين الحكومي الذي تزيد قيمته على 200 مليار دولار حسب مؤسسة التجارة والاستثمار الألمانية، والمؤشرات التي تؤكد هذا انهيار الليرة التركية خلال الفترة الأخيرة.
وأخيرًا وليس آخرًا، فإن الدور التركي خلال السنوات الأخيرة مريب للغاية، ويطرح الكثير من الأسئلة التي حاولنا الإجابة على البعض منها، ولكن على الدول العربية أن تتحد حتى لمرة واحدة، وتبلور موقف قوي، وتفعل الاتفاقيات الموقعة بالفعل فيما بينها، حتى لا تترك شعوب المنطقة مرتعًا، أو لقمة سائغة للتدخلات التركية والإيرانية، وما خفي كان أعظم.
الكاتب : بروفيسور/ محمد احمد بصنوي