"امتلاك أسلحة حروب الجيل الرابع ضرورة حتمية"
بقلم:برفيسور/محمد احمد بصنوي
لا شك أن وسائل الإعلام لها تأثير كبير على صياغة الأفكار، وتشكيل الرأي العام للشعوب، خاصة في أمة لا تقرأ، إلا ما رحم ربي، وتعتمد بصورة كبيرة على تلقي المعلومات المختلفة من التلفاز أو ما يسمى بوسائل التواصل الاجتماعي التي تبث معلومات غير صحيحة في بعض الأحيان، فمن خلال موقع تويتر قد يتم تشكيل رأي عام مغاير للحقيقية من خلال ما يسمى بـ "الكتائب الالكترونية"، فبعض الدول المعادية للمملكة لديها كتائب الكترونية تعتمد في الأساس على إقامة آلاف الحسابات الوهمية على تويتر أو الفيس بوك، ومن خلال هذه الحسابات تقوم بإثارة قضية ما أو دعم فكرة ما، بما يُوحي بأن الرأي العام داخل المملكة مهتم بهذه القضية بصورة مخالفة للواقع، والكثير يتفاعل مع هذه الحسابات ويصبح مسدسًا في ظهر الوطن دون أن يشعر، فموقع توتير اليوم أصبح ساحة حرب حقيقية موجه للدول، وما يؤكد هذا الأمر إعلان موقع تويتر في شهر يونيو الماضي عن إغلاق 7340 حسابا مرتبطا بتركيا، يُستخدم لأغراض الدعاية والتضليل الإعلاميين وفقًا لإرم نيوز.
وإذا أردت أن تعلم حجم المؤامرة التي تشن ضد بلادنا، فلك أن تعلم أن هناك 23 ألف حساب على تويتر يغرد ضد المملكة، بمعدل 90 تغريده في الدقيقة، و10آلاف موقع يبث الشائعات ضد البلاد ليل نهار، و35 قناة فضائية إيرانية تهاجم البلاد بمختلف اللغات، وبلغت نسبة الأخبار التحريضية القطرية ضد بلادنا 48% وفقًا لفضائية العربية، وهذه القنوات والمواقع تعمل على التركيز على بعض الأمور التي قد يتعاطف معها الشعب، من أجل إثارة المشاعر وكسب ثقة المواطن من جهة، وضرب الوطن من جهة أخرى.
إن هناك نوعًا جديدًا من الحروب الغير تقليدية التي تشن ضد عددًا من الدول العربية، لإسقاط الحكومات والدول والنظم دون إطلاق طلقة رصاصة واحدة، فهذه الحروب تسمى بحروب الجيل الرابع التي تعتمد على خلق التناقضات ما بين الدولة والشعب، باستغلال كافة وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي، فهذه الحروب تعتمد في الأساس على احتلال العقول لا الأرض، وبعد احتلال العقول، يتم تحريك جماعات عقائدية لصناعة حروب داخلية متنوعة ما بين سياسية واقتصادية واجتماعية، لاستنزاف الدول المستهدفة على كافة المستويات، ومن ثم إسقاط الدولة من الداخل بأيدي بعض أبناء الوطن الغير مخلصين، وليس بقوات عسكرية، وتتميز هذه الحروب بأنها قليلة الانفاق، خلاف أن الخسائر البشرية للدولة المعتدية تقترب من صفر، فما يتم إنفاقه على هذه النوعية من الحروب الجديدة، لا يُساوى ثمن عدة طائرات مقاتلة حديثة، إن لم يكن أقل.
في العادة يتم تدريب العناصر التي ستشعل الجبهة الداخلية في هذه الحروب في خارج البلاد، تحت ستار بعض الجمعيات الأهلية التي تسعى لترسيخ حرية الرأي والديمقراطية، وبعد ذلك إثارة الفتن والنعرات الطائفية، ومن ثم العمل على إسقاط الدول دون استخدام أي قوة عسكرية، وهذا الأمر حدث في العديد من الدول العربية خلال السنوات الأخيرة، والوقاية من هذه الحروب يكون من خلال نشر سلاح الوعي بين الشعب، والتحقق من الأخبار المزيفة والشائعات، وخلال الفترة الأخيرة كثف الإعلام المعادي حملاته بشكل ممنهج ضد المملكة، بهدف تضخيم القضايا الإنسانية والجنائية لكسر ثقة المواطن بوطنه، ولتنفيذ بعض الأجندات المشبوهة، لكن هذا لا يعني عدم حدوث أخطاء، فهذا الأمر وارد، ويحدث في كل دول العالم، حتى في أعتى الدول الديمقراطية، فالخطأٌ قد يحدث، ولكن المساءلة على كافة المستويات، لا مفر منها في هذا الوطن الحبيب، الذي لا يفرق بين أحد من أبنائه.
واخيرًا وليس آخرًا، فإن هناك ضرورة لرفع سلاح الوعي لدى المواطن بمختلف ثقافته، بأهمية مواقع التواصل الاجتماعي، فالجوال الذي تحمله بين يديك، يشبه المسدس أو المدفع الذي قد تقصف به أبناء جلدتك، دون أن تعرف في هذا النوع من الحروب الحديثة التي تستخدم الكلمة، بدلاً من الرصاصة أو الصاروخ، فمواقع التواصل الاجتماعي اخترقت حواجز المكان والزمان وأصبحت لها مفعول السحر، فمن خلال هذه المواقع تم تدمير بعض البلاد العربية من خلال حشد المواطنين، وتوجيهم نحو الاحتجاجات، تتفق أو تختلف حول سبب هذه الاحتجاجات، فقد يكون لها مبرر، ولكن بالتأكيد النهاية المحتومة لها تدمير الأوطان، وهوا ما ثبت بالفعل.
الكاتب :أ.د محمد احمد بصنوي