قال لها :هذا يوم مستثنى، قال لها وقد وضع ساقًا فوق ساق ليبين لها أنّ اليوم حالة خاصة، أصواتُ الجيران تخترق الجدار من الفرحة، العصافير التي تجتمع في الحديقة على رائحة الصباح تكاد تغنّي من عبارات الفرح القادمة من فوق السور، ومع هذا لم تحرك ساكنا، ازدادت تأففا من كلماته التي ملأتِ المكان وهو يكاد يغلي من داخله على مزاج لايتعطر بالشذى الذي يتضوّع بالبهجة، الصمتُ الذي يحيط بهما جعل من الجيران يصطفون بمحاذاة السور من جانبهم، أرادوا أن يستطلعوا الأمر، لسان حالهم يقول : مابال هؤلاء المجاورين لايُحْدثون أصواتًا مثلنا، قال لها : جيراننا يريدون القفز فوق السور من هول الصمت الذي يطبق على أرضنا، إني أرى رؤوسهم تهتز من الغضب، ازداد الهدوء الذي بدا وكأنه ساحة سوق بعد إغلاقه، مجرد مخلفات صامتة تركها البائعون للمشردين الذين يعيشون على الفتات، صاح بأعلى صوته لعله يُحدث أثرا، اصطدم الصوت بالسقف، هوى على الأرض والكبرياء المقيتة تمارس التهميش، ترك المكان، ذهب إلى الجيران، وقف معهم في الصف والجدار أمامهم، طلبوا منه أن يسمعهم صوته، لأول مرة يكتشف موهبته عندما طلبوا منه المزيد، كانوا يتمايلون يمينا ويسارا من هذا العندليب الذي جاء ليشاركهم فرحة الصباح مع النسائم، فجأةً ظهرتْ من الداخل، قامتها الممشوقة ساعدتْها على رؤية المشهد، قالتْ بصوت فيه استعلاء، هذا أنت!! أرادتْ أن تقذفه وهم معه من جهتها، دنوْا من الأرض، ازدادتْ في الرمي وهم جلوس يشاهدون الحصى من حولهم ، رفع صوته بالنشيد حتى يغيضها أكثر، علتْ وتيرة أصواتهم ، كانوا يشاركونه المشاعر وهي لاتزال تمطرهم بالحجارة.
الكاتب / محمد الرياني