صباح النبض، مساء النبض، اليوم كله ينبض، الشجرة الخضراء يُقبّل أصلها التراب، تُقبّل رأسها العصافير، يحتضن ساقها كل من دبّ ليستمتع بالنبض، صباح النبض، مساء النبض، اليوم كله ينبض؛ طفلة صغيرة تزين الرصيف بوقفة البراءة، ينبض قلبها الصغير، تنبض عيناها الحالمتان، تضع خلفها حقيبتها الصغيرة، تحتضن نبض العلوم، ترفع يديها نحو موكب المعرفة، يلوّح لها أبرياء مثلها بكفوف بيضاء كالأعلام، صباح النبض، مساء النبض، اليوم كله ينبض، يرتفع اللهب في مواقد الأمهات، يرتفع نبض الماء وهو يغلي، تذهب رائحة الإفطار نحو فتحتي الشم، يتألق نبض النساء ونبض الرجال، يصير نبض الصباح ضربا من قصيدة عشق، تحضر العصافير الصغيرة، تشقشق، تحرك أجنحتها ابتهاجا، تنبض قلوبها الصغيرة، يزداد الكون إشراقا، يضيء الحب في العتبات والطرقات، يتألق النبض في حضرتك، في إشراقة وجهك وتبسمك، في ردك وأفعالك، في حالات استفزازك وفي كل تفاصيل نبضك، اليوم تنبض قلوب الكادحين في الحقول الخضراء التي تضع على رؤوسها السنابل الذهبية وأشكال التيجان تتويجا لموسم الحصاد، النبض لك مختلف، كل نبضة تعني حرفا، وكل حرف يعني كلمة، وكل كلمة تعني قصيدة نثر تخلدك، تصفك بأروع الأوصاف، أنت مشهد كل الحقول الخضراء بقامتها الممشوقة، وتعبير كل العذوق التي تشكلت إعجازا، وزقزقة العصافير التي افتتنت باللون الفريد، صباح النبض، مساء النبض؛ حيث النبض يروي المساحات بالحب والود، اليوم نكتب في سيرتنا عنوانا لم تظفر به قصة سابقة، أو رواية خالدة، اليوم نضع له عنوانا بلون الأخضرار وصفاء السماء وتضاريس الأرض بما تحمله، لك وحدك يتألق النبض، يسمو، يحلّق، يرفرف، يهبط بفرح، يقول أمام كل المارين : يدوم النبض.
الكاتب/ محمد الرياني