صناعة الخدمات .
صناعة الخدمات من أهم القطاعات الإقتصادية على مستوى العالم، وتساهم بنسبة كبيرة في الناتج الإقتصادي العالمي بصورة قد لا يتخيلها البعض، حيث تُمثل الخدمات 50% من الناتج المحلي الإجمالي في أكثر من نصف دول العالم، ونحو 65% من مجمل الناتج المحلي العالمي وفقًا للبنك الدولي، ويشمل هذا القطاع العديد من المجالات منها على سبيل المثال لا الحصر الرعاية الصحية، والمرافق العامة، والخدمات الإقتصادية، والخدمات التعليمية، خدمات النقل والشحن، والخدمات اللوجستية للتجارة الإلكترونية، وخدمات المحاماة، والهندسة، والتصميم، والتسويق.
يُمثل هذا القطاع نحو 77% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأمريكية، حيث يبلغ ناتج قطاع الخدمات في الولايات المتحدة الأمريكية 15.1 تريليون دولار، وتمثل العمالة به 79.14% ، وتأتي البرازيل في المركز الثاني، إذ يبلغ ناتج قطاع الخدمات بها 1.3 تريليون دولار، وتمثل العمالة به 70.18% ، بينما تأتي المكسيك في المركز الثالث، ويبلغ ناتج قطاع الخدمات بها 700.8 مليار دولار، وتمثل العمالة به 61.05% ، وفقًا للبنك الدولي.
قطاع الخدمات في السعودية يُمثل أهمية كبيرة في الناتج الاقتصادي، حيث يمثل 54.5 % من الناتج المحلي الإجمالي السعودي في عام 2020 بناتج قيمته نحو 361 مليار ريال، في حين بلغ الناتج المحلي الإجمالي لجميع القطاعات والأنشطة الاقتصادية في المملكة نحو 668.1 مليار ريال، يتصدرها نشاط الخدمات الحكومية بنسبة مساهمة 38.9% بقيمة نحو 140.6 مليار ريال، يليه خدمات المال والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال 25.2 % وقيمة 90.8 مليار ريال، ثم نشاط "المطاعم والفنادق بنسبة مساهمة 20.1 % وقيمة 72.4 مليار ريال، يليه نشاط النقل والتخزين والإتصالات بمساهمة 11.5% وقيمة 41.5 مليار ريال، وأخيرا نشاط خدمات جماعية واجتماعية وشخصية كخامس وأخير مكون لقطاع الخدمات، بمساهمة 4.4 في المائة وقيمة 15.7 مليار ريال.
صحيح أن هذا القطاع يُمثل نصف حجم الناتج المحلي في المملكة، ويحتل أهمية كبيرة في الإقتصاد الوطني، ولكن ما زلنا ينقصنا الكثير في هذا القطاع الذي من الممكن أن يُساهم بصورة كبيرة في زيادة الناتج القومي، وتنويع مصادر الداخل، من خلال تصدير الخدمات سواء الصحية أو الخدمات اللوجستية من خلال تقديم بعض الخدمات الخاصة بالشحن والصيانة للسفن التي تمر من البحر الأحمر بنسبة 11% من حجم التجارة العالمية، أو الخدمات الإلكترونية، فعلى سبيل المثال وصلت قيمة الخدمات الرقمية لحركة التجارة العالمية في عام 2022 نحو 3.825 تريليون دولار، وتصدرت الولايات المتحدة الأمريكية مصدري الخدمات الرقمية في العالم بقيمة 632 مليار دولار، وتحتل بريطانيا المرتبة الثانية في تصدير الخدمات الرقمية بقيمة 350 مليار دولار ، تليها ايرلندا بقيمة 290 مليار دولار ، فيما تحل المانيا رابعا بقيمة 227 مليار دولار ، أما الهند والصين وهولندا وسنغافورة وفرنسا ولوكسمبورج فتحتل المراكز من الخامس للعاشر. بقيمة 201 و165 و159 و136 و111 مليار دولار علي الترتيب وفقًا لتقرير صادر عن منظمة التجارة العالمية wto للعام 2022.
وأخيرًا وليس آخرًا، فما أريد أن أقوله بأن هناك إمكانية لتنويع مصادر الدخل الوطني، من خلال التوسع في صناعة الخدمات بهدف التصدير، فمن خلال وجود نظام صحي قوي، من الممكن تصدير الخدمات الصحية وجذب الأشقاء من دول الخليج والمنطقة، للعلاج في المملكة بدلاً من الذهاب إلى الخارج، وهذا ينطبق على النظام التعليمي، وكذلك بعض الخدمات الرقمية، فهذا القطاع فقط قد يؤدي إلى تحقيق المملكة لعائدات أكثر من النفط ، وأكثر من أي قطاع آخر، ويعتبر ما ذكر في هذا المقال من إحصائيات فرصة للعديد من المستثمرين لإعادة توجيه البوصلة نحو الإستثمارات التي تحقق أكبر عائد في العالم.
الكاتب / أ.د
محمد احمد بصنوي