أكاذيب و أوهام الحب اللامشروط
الكاتبة : سلافة سمباوه
كلما سمعت أو قيل لي أن أحدهم يحب احداً حباً بلاقيد وبلا شرط اضحك في نفسي ضحكة ساخرة ممزوجه بالتحدي ، هذا التحدي الذي يثبت في أرض الواقع انه لاحب هكذا لأجل الحب الا في حالة واحدة تتطلب مجهودا من الوعي والادراك ماعدا ذلك فكل حب له شرط ومصلحة حتى حب الطعام
تقول ايزابيل الاند:
فلنتقبل الأطفال كما نتقبل الأشجار بامتنان، لأنهم نعمة لكن لا تكن لك توقعات أو رغبات. فأنت لا تتوقع من الأشجار أن تتغير، أنت تحبهم كما هم.
الحب اللامشروط، هو العطاء على طول الخط دون انتظار مقابل، أن تحبَّ الآخر كما هو ، بكلِّ مزاياه وعيوبه التي لا تحاول ابدا تغييرها، ولا تشكِّل لك أي إزعاج. تقبُّل على طول الخط ، سامح على طول الخط، احتواء على طول الخط كذلك، وغفرانٌ جميل هو اللااعتراض، ترك الباب مواربا أبدا، انتظار دون عتاب ولا لوم هو انَّني احبُّك ولا أعرف لِمَ، لن انزعج منك ومهما فعلت بي ومعي فإني على العهد قائم وباقٍ
الزوجات يتلهفن له بشوق من أزواجهم، الآباء يطلبونه من أبنائهم. الأصدقاء يدعون له لترميم صداقاتهم المنتهية. من منا لا يريد حبا غير مشروط؟
الحب غير المشروط؟ إ
الحب الذي يدوم رغم كل المشاكل، الإساءات، الخلافات والصعوبات التي قد تنشأ. الحب الذي لا يطلب شيئا بالمقابل، ولا يتوقف أبدا، مهما كان.
هل الحب غير المشروط حقيقي؟ هل يمكن بلوغه؟ هل هو لبنة أساسية لزواج ناجح؟ هل هو حاجة بشرية طبيعية؟
أم ببساطة خرافة أسطورية؟
إنه يبدو كحاجة بيولوجية مغروسة في الطبيعة البشرية. نتلهف له، لكن لا يبدو أننا نعثر عليه. هل المشكلة في العثور على الشخص المناسب؟ أو القيام بالشيء المناسب؟ هل الأشخاص الناضجون عاطفيا هم وحدهم القادرون على منحه؟ هل هو ضروري من أجل علاقة عاطفية أو زواج متين؟
صدق أو لا تصدق، كل هذه الأسئلة تحتمل إجابات، وهي إجابات بسيطة ومباشرة.
هذا النوع من الحب سوَّق له العديد من الكتاب والمحاضرين يتقدَّمهم وين داير المؤلف الأمريكي هي دعوة أن يصير كل واحد منا قدِّيسا دون أن يكون كذلك..فمرحبا بالصراع النفسي على طريقة وين داير، بين انسانيتك الناقصة ورغبتك في بلوغ درجة القداسة ، مرحبا بالألم والمعاناة تحت مسمَّى الترفُّع والتَّسامي. والحضارة الغربية الَّتي تطفح كتب علم النفس فيها بالحب اللامشروط كأسلوب عيشٍ وشفاء، في مثالية بعيدة جدا عن حقيقة النفس البشرية السوية، هي هي نفسها التي تسير وِفق قانون: رابح_رابح . نحن بشر لسنا ملائكة ولا قديسين، نحبُّ لأسباب، والصفات السيئة كالكذب والخيانة محلُّ بغض من كلِّ ذي فطرة سليمة، قد نتعايش معها ونتقبلها لأن كفة الصفات التي نحب في الآخر راجحة، ولأنَّ العلاقة متوازنة فيها أخذ وعطاء مِمَّا يحقِّقُ الإشباع النفسي والعاطفي للطرفين..
الحب غير المشروط لا مكان له في الزواج.
لم لا يجب علينا توقعه من زوجنا أو زوجتنا؟ لسببين. أولا، لأنه مستحيل لدى أغلب البشر. ثانيا، حتى لو استطاع شخص بلوغه من أجل زوجه أو زوجته، سيكون غير صحي للطرفين معا وللعلاقة نفسها.
تخيل زوجا يستمر في حب زوجته رغم أنها تخونه باستمرار، وتجرحه مرار وتكرارا. ما هو الحافز الذي سيحملها على التوقف عن إيذائه؟ في الحقيقة، لا يوجد. هذه العلاقة المختلة المؤلمة يمكن أن تستمر للأبد، دون رادع. لأن الزوج لا يملك حدا أدنى لما يمكنه القبول به: لا حدود لما يمكن أن يتحمله، وزوجته تعلم هذا.
عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الرومانسية أو الزواج، يجب علينا جميعا أن نعمل من أجل الحب الذي نتلقاه. الحب غير المكتسب (ما عدا حب الأبوين) غير حقيقي، ليس قويا، ولا متينا. الحب المشروط معبر لأنه مكتسب، ثمين، ذو قيمة ومحمي من كلا الطرفين.
إذا لم يكن لديك حد أدنى في علاقاتك، احتمال كبير أنك ستجد نفسك في الحد الأدنى. سوف تتلقى ما ترغب في تقبله.
إذا، إلى أين ينتمي الحب غير المشروط؟
في الحقيقة، إنه ينتمي لنوع معين من العلاقات، ويكون في اتجاه واحد فقط.
يتعلق الأمر بعلاقة الأب/الأم للطفل: ولا يصح في الاتجاه المعاكس. إنه واجب الأب/الأم ليحب طفله حبا غير مشروط. لكن الآباء عليهم أن يستحقوا حب أطفالهم لهم. هذا ما يجعل الأمومة/الأبوة تتطلب نكرانا للذات مميزا عن أي نوع من العلاقات الموجودة في العالم.
حين رفع سيدنا نوحا كفيه، في عاطفة أبوية ليسأل الله: “رب إنَّ ابني من أهلي، وإنَّ وعدك الحق ” ما كان جواب رب العزة؟ .”يا نوحُ إنه ليس من أهلك، إنه عملٌ غير صالح، فلا تسألَنّي ما ليس لك به علم ” انتهى. رابطة العقيدة أقوى من رابطة القرابة. سلم المعتقدات والقيم، يحكم عواطفنا وميولنا واحاسيسنا، إنه السُّلَّم الذي قد يقرِّب وقد يُبْعِد. نحن نحب ونحن بكامل قوانا العقلية، انت تحب زيدا ولا تحبُّ عمرا، لأن زيدا يتوافق مع الصورة الذِّهنية، ومع بعض الصفات التي توافقك وتتوافق معك نفسيا وعقليا وعاطفيا وجسديا.. انتَ تحب لسبب.. وأما الذي يتباهى بانه يحب بدون شرطٍ ولا قيد على طريقة وين داير ولويز هاي، فنقول له هنيئا لك مسبقا طريق الألم والمعاناة، ولعب دور الشَّمعة المحترقة.. فقد انتهى زمن القدّيسين والأولياء!
لذلك، مبدئيا، نحن مجبولون فطريا على احتياج الحب غير المشروط، لكن يمكننا الحصول عليه في مكان واحد فقط: من أبوينا. وللأسف، إذا لم نشعر بحب غير مشروط من أبوينا في الطفولة، سوف نكبر لنشعر بالوحدة بطريقة ما، على مستوى ما. وسنشعر بطريقة أخرى، على مستوى آخر بأننا محرومون.
الأشخاص الذين كبروا دون حب غير مشروط من والديهم سيكبرون بإهمال عاطفي من الطفولة. إضافة إلى الشعور بالوحدة والحرمان، إذا كان حب أحد الأبوين مشروطا بشكل كبير، قد يكبر الطفل ليصاب بالاكتئاب، القلق المرضي، أو أحد اضطرابات الشخصية.
العديد من الأشخاص الذين يكبرون دون حب غير مشروط سيميلون، لأسباب خارجة عن إرادتهم، للبحث عن هذا الحب المفقود في كل الأماكن غير المناسبة: من الأصدقاء أو الأزواج. لقد رأيت العديد من الأشخاص يستمرون في البحث لعدة سنوات عن هذا الشيء المميز الذي لم يحصلوا عليه في طفولتهم. لسوء الحظ، يبحثون عنه في الأشخاص غير المناسبين، بالطرق غير المناسبة، غير واعين أنه يمكنهم، ويجب عليهم أن يمنحوه لأنفسهم بأنفسهم.
الحب غير المشروط دليل موجز
أحب طفلك مهما كان.باستثناء أطفالك، كن حذرا من منح حبك بشكل مجاني.تذكر أن الحب الرومانسي المستحق هو أقوى أنواع الحب. فليكن لديك حد أدنى لم تقبل به في علاقاتك.تأكد من أنك تستحق الأشخاص الذين وثقوا بك بما يكفي ليمنحوك حبهم.الحب رقيق وقيم. تعامل معه بلطف وقم بحمايته.لا تشعر بالضغط لتحب أبويك مهما كان. نعم، هم يستحقون مجالا أكبر من أي شخص آخر في حياتك. لكن ليس من واجبك حبهم مهما يكن ما فعلوه لأجلك.اعلم أنه إذا لم تتلق حبا غير مشروط من أبويك، فلم يفت الأوان بعد. يمكنك منحه لنفسك الآن، في سن البلوغ.
لذا اسأل نفسك لماذا تحب ؟
ولماذا هذا؟ وهل انا صادق فيما احبه ؟والى اين ؟ و مالهدف ؟
هل تلقيت حبا كافيا من اهلي لأعيش الحب واعتنقه
كلما سألت نفسك اكثر ستتأكد هل الواقع سفك الوهم
أم الوهم سفك القلب والعقل ؟