طف اللمبات!!
الكاتب :عبدالعزيز الجاسم
مصطلح طالما تندّر بإطلاقه أبناء المجتمع على كل من يقوم بإطفاء مصابيح الإضاءة، وربما نال المتقاعدون نصيب الأسد من هذا المصطلح كونهم قد اشتهروا بممارسته بشكل ملحوظ، "طف اللمبات"، فعل أمر يطلقه الكبار باستمرار، يراد منه فصل الطاقة الكهربائية عن أي جهاز متصلٍ بمقبس أو مرتبط بزرّ تشغيلٍ في حال انتفاء الاستفادة من بقائه متصلاً بمصدر الطاقة، فعل الأمر هذا يلخص رحلةً طويلةً من برامج الترشيد التي تطلقها شركات تزويد الخدمة الكهربائية في شتى أقطار العالم، هذا المصطلح الذي بات مصدر تندُّرٍ وربما سخرية ممن يحملون على أكتافهم مسؤولية دفع تكاليف فواتير الطاقة الكهربائية، والذي قد يكون الرسالة المثلى التي يجب أن تعيها المجتمعات المدنية اليوم للحفاظ على استمرار تدفّق الطاقة وتقليل مصروفات صيانتها، وبطبيعة الحال تقليل معدلات الاستهلاك العالية التي تُترجم كفواتير مرتفعة التكاليف بصورةٍ شهرية خلال أشهر الصيف تحديدا.
يلاحظ أغلبنا أن استخدام المراهقين للأجهزة مرتفعٌ نسبيا، كما أن أشهر الصيف التي تتزامن غالباً مع إجازة المدارس تحفّز على ممارسة السهر ليلاً والنوم في فترات النهار حارّة الأجواء، مما يعني أن استهلاك أجهزة التكييف التي لن تنال قسطاً من الراحة سيكون مرتفعاً وذلك لأن تلك الأجهزة ستظل عاملةً طيلة الليل وستظل كذلك فترة النوم النهارية، وكلما ازداد عدد المستخدمين لتلك الأجهزة وارتفع معدل الخصوصية في استخدامها فإن معدل الاستهلاك الكلي سيكون كبيراً وبالتالي يشكو أغلب المستخدمين من ارتفاع فواتير الاستهلاك الشهرية معلّلين بذلك حاجتهم لتقليل درجات الحرارة واستغلال شركات تزويد الطاقة الكهربائية فترة الصيف لرفع أسعار الاستهلاك المبالغ بها، في حين أن الأخيرة تناشد المجتمع دورياً بضرورة الترشيد في الاستهلاك وذلك لحماية مولدات الطاقة ومعدات التوزيع وكوابل الشبكة، وتخفيض المصروفات من الميزانيات التشغيلية، ثم تقليل معدلات الاستهلاك التي ستكلف المستهلك الكثير من المال المصروف في غير ضرورة، لكن أغلب تلك المناشدات قد تضيع سدىً أمام من لا يلقي بالاً أمام مصباحٍ هنا أو جهاز تكييف هناك وربما أجهزة ألعاب الكترونية متصلة بالمقابس ومتفرقة بين هذا وذاك دون حاجة لاستخدامها، والغريب في كل هذا أن المجتمع الذي يشكو من ارتفاع تكاليف فواتير الاستهلاك كل عام في فترات الصيف هو ذاته الذي يحرص على عدم فصل ما لا يحتاجه من الأجهزة عن مصدر الطاقة، بل ويصر على الهدر المتعمد من خلال تنمّره وإطلاق النوادر على من ينادي بضرورة الترشيد من الراشدين، فهل سيصل المجتمع لدرجةٍ من الوعي كي يفقه الفرق بين الضرورة والترفيه؟ أم أننا كمجتمعٍ سنظل مستمرين في تنفيذ ثقافة الاستهلاك غير المسؤول والشكوى من ردود الأفعال التي كنا ولا نزال المصدر الرئيس لها؟