قصة قبل النوم . 
الكاتبة : سلافة سمباوه 

هاتفني ابني ذو السبعة عشر عاما متسائلاً عن وصول الطلبية التي طلبها ، اجبته بالإيجاب أنها موجودة  لكنني لا أعلم ماتحويه ، قال بصوته  النائم ستعرفين بعد قليل ،انتابني الفضول  ورأيته يفتح الطرد كأنه عاد طفلاً ، كانت لعبة تركيب لم يلحظني وأنا أنظر  لملامح وجهه السعيدة، قطع المشهد هرولت أخته ذات الستة عشر عاما صارخة بسعادة قائلة : أنها لعبة أحلامنا التي كنتِ ترويها لنا قبل النوم كل يوم .. وشرعت تكمل تركيب اللعبة وتصفق مع أخيها . ابتسمت  لملامحهم وهم يكملون التركيب وتذكرت كل القصص التي كنت ارويها لهم ، وعادت بي الذكريات لكل الروايات التي كانت والدتي تحكيها لي ووالدي واعمامي وعماتي .. وعدت لللمكتبة التي كانت تمتلكها عمتي .. مكتبة كما في الأفلام والقصص ارففها من الارض للسقف .. كنت اتسلق الارفف كي اخذ كتاباً خبأته عني لأشبع فضولي في القراءة .. ادركت أن القصص التي كنت ارويها أو كانت عائلتي ترويها لي نوعاً من امتاع النفس ، وتخليصها من متاعبها، والتأثير فيها، فهي من وسائل التربية والتعليم والتقويم المهمة. ويعتبر التعليم بالقصة من الأساليب المحببة للأطفال ؛ فهم يقبلون عليها بشغف، ويصغون لسماعها باهتمام لذلك فإنها من العوامل المهمة التي تعمل على :
- تربية مشاعر الطفل، ونشر الاتجاهات الإيجابية لديه وترسيخها، فتجعله قادرا على التمييز بين الصواب والخطأ، والانحياز لجانب الحق.
-غرس القيم السامية وصقلها ؛ بما لها من قوة تأثير في التوجيه والتغيير.
- تساعد على تنمية التركيز وزيادة الانتباه لديه.
- وتعمل على تنمية خيال الطفل، وتجعله مؤهلا للإبداع ؛ إذ إن الطفل أثناء استماعه للقصة يعايش أحداثها، فتنقله من عالمه الضيق إلى فضاءات واسعة، حيث يتخيل نفسه واحدا من أبطالها، ويرافق شخصياتها الأخرى في حلهم وترحالهم. كما حصل مع ابني وابنتي ظلت القصة عالقة حتى هذا العمر بشكل اللعبة والوانها وتفاصيلها الصغيرة وحتى الشعور الذي اعادهم لعمر الاربع سنوات 
- تنمي قاموس الطفل اللغوي بمفردات وتعبيرات جديدة. كما تربيت  وربيت ابنائي وبناتي 
قبل أن تبدأ بسرد القصة للطفل راع الاتي 
- أن تكون مناسبة لعمر الطفل العقلي.
- أن تكون هادفة تعمل على تقويم اتجاهات الطفل، وعلى غرس القيم التي نتطلع لغرسها في نفس الطفل.
- أن تكون خالية من المشاهد المرعبة التي يمكن أن تثير الفزع في نفس الطفل ؛ مثل قصص العفاريت أو الغول أو ما شابه ذلك من حكايات لأنها تسبب له قلقا، وقد تجعل منه إنسانا جبانا. بالرغم أن ابنتي ذات التسع سنوات تحب هذا النوع من القصص ولا تخاف  وتحب مواجهه مخاوفها وهكذا نوع من القصص يصيبها بالفضول والتقصي والبحث عن صحة العفاريت والغول وماشابه لدرجة أنها تضحك لأن اغلب التقنيات الحالية كلها وهم كما تقول . 
- أن لا تشتمل على سخرية من الآخرين، أو تنصر الباطل على الحق، أو تشتمل على مواقف منافية للذوق العام.
- أن تدور حول إنجازات وإبداعات الأبطال الفاتحين والعلماء المبتكرين، وما شابه ذلك.
 أذكرنقاش دار مع ابنتي الصغرى عن ما تشاهده في البرامج سألتني سؤال ذات صباح جعلني اترك افطاري وقهوتي واركز في سؤالها عن اقوى العناصر الطبيعية الأربعة . التي يصعب السيطرة عليها ( الهواء ، الماء، التراب ، النار) سؤالها ونقاشها فتح سؤال ماذا لو ؟ 
كان النقاش معها ممتعا ومثرياً وأصبح موضوع ماشاهدته يذكرني بايامي وخيالاتي عندما كان المصدر فقط هي القصص والكتب 
- أن تركز الأم أثناء القراءة على الدروس والعبر المستفادة من القصة. 
- أن تطلب الأم من الأطفال محاولة توقع نهايتها. أو سرد نهاية غير متوقعة لتحفيز الخيال 
* ولكي تنجح  في إحداث التأثير المطلوب في نفس الطفل عليك  : 
- عدم إجبار الطفل على الاستماع لقصة لا يحبها، أو في وقت يكون فيه مشغولا بشيء يحبه 
- تغيير نبرات صوتك  حسبما يقتضيه الموقف.
- الاستعانة بيديك وبحركات جسمك  لإحداث المزيد من الإثارة.
- الانتظار قليلا بين الفينة والأخرى بهدف التشويق ، وإثارة الفضول لسماع المزيد.
- السماح للطفل بطرح الأسئلة أثناء السرد والإجابة عنها بصدر رحب مهما يحدث المزيد من التعلم.
- بعد الانتهاء من السرد طرح أسئلة حول مضمون القصة ليجيب عنها  بهدف ترسيخ التعلم الذي حصل. حتى عند مشاهدة فيلم مع الاطفال اسألوهم ماذا استفادوا وما اكثر موقف جذبهم   او ماهي رساله الفيلم او القصة لهم  
- تشجيع الطفل  الذي لديه استعداد لكتابة القصة، ومساعدته على إشباع هوايته وتنمية موهبته كما فعلوا اهلي معي   ومع أختي 
- القراءة تنمي حصيلة مفردات لغوية  غير محدودة عندما تقرأ  ستجعل الطفل يسأل عن معنوى هذه الكلمه وستحفز عقله على الخيال 
- الطفل الذي يتربى على القصص و ابتكار قصص  واحداث سيكون عندما يكبر قادراً على حل المشكلات  لأن عقله اعتاد على صنع حلول ونهايات وتعود على الابتكار  ستصبح الحكايا زاد لتكوين الشخصية وتحفيز التفكير ، الان في عصرنا الحالي كم من والد ووالده يحكون لأطفالهم قبل النوم،؟ كم من اولياء الامور يعرفون ماذا يشاهد ابنائهم وكم من الوقت الذي يقضونه مع ابنائهم ومعرفة حقيقة مايحبه طفله  وما يتلقاه  ؟ ،
هل تركت القصص فيك أثر ؟ وهل تركت أنت لابنائك أثر ؟

.