أحلام أفلاطونية
الكاتبة: ليالي محمد
أُدرك الآن معنى أن يكون المرء وحيدًا وليس في عُزلة، كئيبًا وليس حزينًا، ضاحكًا من شدة الحزن وليس باكيًا، يمسك بالأيدي وليست هناك يدًا لتمسك يده، يُسند غيره على قلبه ويستند على جدار، زارعًا للحب في غير داره، يبني وغيره يهدم، يحلم أحلامًا ليس له الحق في تحقيقها، يرفع يده للسلام وليست هناك إجابة لتحيته، يسقط منتظرًا المطر ليهطل على روحه والسماء خالية حتى من غيمة واحدة، يبتسم في وجوه الجميع وليس هناك وجه يبتسم له، ينتظر الورود لتُزهر في غير فصل الربيع، ينتظر الدنيا لتصبح خضراء من حوله ولكنه يقبع في بقعةِ أرضٍ قاحلة!بيت بلا سقف، وردة بلا ماء، حب بلا قلب، سماء بلا مطر، هكذا تبقى الأشياء ناقصة حين نستنزف أنفسنا وطاقتنا في غير محلها!
نزرع والحصاد لغيرنا، نبني البيوت لغيرنا ونسقي أرضًا لن نزورها، ونزرع الحب في أرضٍ لا نملكها، ونحلم أحلام غيرنا فنغادر خالين الوفاض لا نملك ذرة اعتزاز لأنفسنا، فنخسر من نحب ونخسر أنفسنا في سبيل ارضاء غيرنا واجبار الآخرين على حُبنا!
لا تبني أحلامًا في دارٍ غربتك ولا تسعى جاهدًا لأن تغيِّر أحدًا ما، غيِّر من نفسك واسقي ورود روحك الذابلة، لا تستثمر جهد نفسك في الآخرين، للآخرين حياةً سيمضون لها ويعيشونها وتبقى ها هنا تنظر للفُتات من بقية كل الأشياء لتُحدِّق فيها سارحًا في ما أفنيت من عُمرك في غير مكانك، وفي غير دارك لتعود أدراجك نادمًا على ما فعلت، فتنفتح الجراح القديمة والقلب المكسور لتعلم أنَّ حصادك الأخير ما هو سوى خسارة ليس لها تعويض، فهي خسارة النفس! وهل هناك خسارة أغلى من خسارة الروح التي نملكها والتي نعيش من أجلها ساعين لأن نُلبي كل احتياجاتها؟
ساعد الآخرين ولكن ليس بأن تعطيهم روحك، مُد يدك لتعطي ولكن لا تعطي قلبك للذاهب والآتي، من أتاكَ بحاجة فاعطه ما أراد ولكن لا تعطيه شيئًا تخشى خسارته لاحقًا، كل ما هو ملكك اتركه يبقى ملكك ولا تُملكه للآخرين، نفسك لك وأنت أحقُّ بها من أي أحدٍ آخر، وإن أحببت يومًا حتى بعد خسارة قلبك في مكانٍ آخر، فتأكد أن قلبك عاد لمكانه لكي لا تظلم شخصًا آخر، لأنك حين تخسر فإنه يبقى في ذات المكان الذي خسرتْ روحك وحبك فيه أو أنه يعود لك لكنَّه يعود مكسور، مُحطَّم، مُهلَك ومتعب وكل الأشياء كلها تثقله كما لو عاد لك دون جناحيَّ الحب، كأنه عاد وجناحيه مبتورة ولا يملك قدرة على التعبير، أبكم، أصم وبدون أحاسيس!
حافظوا على قلوبكم فهي ثمينة وأنتم أولى بحُب أرواحكم، فإن لم تحبوا أنفسكم فليس هناك شخصٌ في هذا العالم يستحق الحب منكم، وإن أعطيتم وأحببتم يومًا فاعطوا بعدل، واعطوا حبكم لمن هو كفؤًا له!