"دهليز أسود"
الكاتبة: ليالي خرمي
منذ الأزل كان الإنسان يعمل من أجل لقمة عيشه ومن أجل أن ينتهي به الأمر يمسح عرق جبينه من شقاء يومه وتعبه وكدره ويحسب كم من مالٍ جنى خلال يومه ليعود لبيته ولعائلته وبيده رغيف خبزٍ من ماله الذي وهبه الله ورزقه إياه ليعرف أن النعمة التي توضع في اليد عليه أن يتعب ليحصل عليها، وعلى كل إنسان ان يتعب في سبيل كل غالٍ وفي حصوله على كل قرش، وطريق الصلاح والحق ليس صعبًا كما يتوقعه الكثير بل على العكس تمامًا فطريق الباطل هو الأصعب حين تدخل دوَّامة الأعمال المحرمة من أجل الحصول على المال بشكلٍ أسرع أو الحصول على كل قرش عن طريق تغذية الناس بالأذى وتشريبهم السم في عروقهم، الأصعب أن تكون السبب في دمار نفسك وعائلتك والكثير من الناس حولك لمجرد مد يدك على الحرام من الأعمال، مجرد القول بأن التجربة لا ضير منها يفتح عليك ابواب من الصعب اغلاقها، فدوامة الشر تدور وتدور وتعود لصاحبها لتهلكه وتنهكه وتدمره أشد الدمار، مجرد حبة واحدة قادرة على تشريع جميع أبواب الأذى والهم على الإنسان، تضاريس الثغر الضاحك ابتسامة الشفاه، العائلة السعيدة، التكاتف والحب والعطف ستُقفل أبوابهم بمجرد الموافقة على خوض تجربة العالم الأسود المغلف بلونٍ زاهي ليظهر جمال مظهره ومن الداخل يظهر سواده وخبثه ومدى سوداويته، الأشياء السيئة لا تبدو لك سيئة منذ البداية إلا حين تجرب الدخول فيها، المخدرات بأنواعها من الشبو، الحشيش، الكوكايين وغيرها هي محطة الانتظار التي تنتظر وقوف الكثير عندها ليبدأ بعدها طريق المشقة الذي لن ينتهي بسهوله، إن كنت في بداية الطريق فاحرص على الرجوع، فالرجوع خيرٌ من انغماسك أكثر وأكثر!
قف أمام المرآة انظر لوجهك الذي كساه العتمة وإلى جسدك الذي غلفه الوجع، أيستحق الأمر كل هذا الألم؟ لحظة واحدة كانت عبث ولهو ولعب أتقلب حياتك رأسًا على عقب؟
الفعل ليس سهلًا والتراجع ليس أسهل إذا بدأ الأمر ألم تسمع بعبارة: الوقاية خيرٌ من العلاج؟
الآن كما انك لم تحسب حساب البداية احسم نهاية هذا الأمر وقف عند حدوده ولا تجعل الأمر أصعب عليك، فكما أن المخدرات تؤذي صاحبها كذلك تؤذي ذويه من أهل ورفقاء وأبناء!
الترويج مرادف للتعاطي ولا ينافيه في المعنى اطلاقًا!
وكما أن الموضوع اتخذ منحدرًا آخر خلال هذه الفترة فكثر الحديث عن كيف تقي نفسك وتتفادى رفقاء السوء حتى لا تقع في عالمهم الأسود فكان أول الحلول ألا تثق في كائنًا من كان حتى لو صديقك الذي مضى على تعارفكم العشر سنوات، تعلم أن تكون حذرًا وخاصة في هذا الموضوع، تعلم أن تحافظ على الصداقة لكن بدون أن تضر بنفسك، تعلم أن تُبقي حدودًا واضحة لكل شخص في حياتك مهما كان قريبًا منك، ومن هذا المنطلق يأتي دور العائلة لحماية أبنائهم وذويهم من السقوط في هذه الهاوية وذلك بأن يحثُّون أبنائهم على عدم استخدام الأغراض الخاصة للأشخاص الآخرين مثل: المناديل، أقراص الدواء، الأغذية المعلَّبة وأي شيء من شأنه أن يُمثِّل ضررًا في هذه المسألة، أخيرًا العمر نعيشه مرة واحدة فقط ولا يستحق منَّا أن نسحقه بالمخدرات، العمر أغلى من أن يُسرق منَّا في غمضة عين بسبب خطأ في لحظة طيش أو في لحظة عابرة لا تعني شيئًا، خُلقنا لنُعمِّر هذه الأرض بالصلاح ليجوب فيها الخير في جميع طرقاتها، لتُزهر أعمارنا بأعمالٍ تستحق أن نُذكر بها وأن نرفع رؤوسًا حين تُسمع أسامينا، فهل يستحق العمر أن نفنيه في غير مكانه؟ وفي غير طريقه؟ وأن نهدر سنين عيْشنا في دمار أنفسنا ودمار من حولنا؟
وأعود للتساؤل مرةً أخرى كلما استمعت للأخبار بأنه تمَّ القبض على مجموعة من الشباب يتعاطون ويروجون المخدرات، ما هي الأسباب الأخرى التي قد تجعل الشخص يُدمِّر حياته بهذه الطريقة؟