(هل يتفق القراء على حب كاتب ما؟)
الكاتبة: سحر محمد
هل يبدأ تفضيلنا لكاتب ما من أول كلمة نقرأها في كتابه؟ أم عند آخر سطر نختم بها كتابه؟
حيث نظل لبرهة نحاول فيها استرجاع أحداث ما كتبه، نحاول أن نفهم ما بين السطور، ونستوعب ما يود قوله لنا، وأي رسائل يريد أن يوصلها إلينا.
نظل مبهورين لعدة ليالِ نحاول أن نفهم كيف كتب تلك الكلمات التي آسرت قلوبنا، وكيف لها أن تسرقنا إليها، لنظل نتذكرها لأيام عديدة، تأبى أن ترحل من ذاكرتنا، نبتسم حينما نتذكرها، نسترجع تلك المشاعر التي احسسنا بها عند قراءتنا لتلك الكلمات وكأنها قد حدثت للتو.
لكل منا طريقته الخاصة في اكتشاف كاتبه المفضل، أحياناً يأتي إعجابنا من مجريات أحداثه التي تدهشنا بشدة، وتأخذنا في رحلة مذهلة نحو عالم يلامس قلوبنا، وقد يطبطب على جروحنا ويلامسها ليمسح عنا تلك الندوب، يعطينا دفعة من الأمل لمواصلة سير حياتنا، يرسم الابتسامة على شفتينا كلما تذكرنا قصصهم والعبرة خلفها.
وأحياناً أخرى نعلق مع شخوصها وكأنهم رفقه لنا، يصاحبوننا لمدة من الزمن، نبتسم لسعادتهم، ونفرح لفرحهم، نحزن لآلمهم، ونبكي لبكائهم، وكأن المشاعر داء يصيبنا بالعدوى، نحاول أن نجاريهم ونود لو كانوا على أرض الواقع لنسعد بصحبتهم، نحاول أن نمد يد العون إليهم ليخرجوا من ظلماتهم.
بعض الكُتاب ينغمس في أعماق شخصياته ليريك ما في جعبتهم، وهذا ما قد يجعلك تشعر بهم وكأنهم يحدثونك بأنفسهم وكأنهم هنا بالقرب منك، لا يفصلك عنهم الورق والحبر.
تفصلنا الأزمنة عنهم، إلا أن كتابته تسافر بنا إلى حيث زمانهم، نحاول فهم ما حدث في ذلك الزمن، نعيش ما عاشوه، وكأننا نسير بينهم، نستمع إلى ما يقولونه، نستمع إلى وجهات نظرهم، وحينها نفسر سبب أفعالهم، ونلتمس إليهم الإعذار، ونتفهم سبب تصرفاتهم، فما أفضل من أن تسمع وجهة نظرهم لكي تتقبل وتتفهم تصرفاتهم التي كُنت فيما مضى تراها غريبة ولا سبب لها.
لا يمكن أن يتفق جميع القراء على حب كاتب أو كرهه، فلكل منا ذائقته الخاصة، وبعيداً عن الذائقة هنالك سر فيما يكتبه كاتبك المفضل يلامس شيئاً ما بداخلك، كل واحد منا يفسره بطريقته الخاصة، يتعجب من كلماته التي وكأنها تحكي عنه هو بذاته لا أحد غيره.