مقال: تدوين أهداف 2023 - نفسك أولًا ثم مساعيك في هذه الحياة تاليًا.
بقلم: صالحة مجرشي
من سبل المساعي لدى الإنسان والتسهيل على نفسه هي عملية تدوين الأهداف السنوية، التي بدورها قد تساهم في الوصول إلى أحلامه وآماله المستقبلية، سواءً كانت تلك الأهداف قصيرة الأجل أم طويلة الأجل، وقد يرى الكثير أن تدوين الأهداف السنوية فرض مرتبط بدخول العام الميلادي الجديد، ويتوجب عليه وضع قائمة بالأهداف ورسم خطة زمنية لتنفيذها مع اختلافها ووفقًا للرغبات. ويُعنى بالأهداف السنوية أنها الجزء البسيط من مراحل التغيير المختلفة، وذلك لأن بعض الأهداف لا يمكن تحقيقها في سنة وحسب، والأهداف السنوية هي بعض الأهداف أو الرغبات البسيطة التي يُراد تغييرها في فترة زمنية محددة مسبقًا.
وقد تبدو تلك القائمة المليئة بالأحلام على ورق أو مسودة هاتفك لطيفة جدًا، بل ومشحونة بالحماسة ومغرية لتنفيذها دفعة واحدة؛ بينما هي في الواقع قد تكون قائمة محبِطة للبعض، دون أن يشعر! متجاهلًا أهمية خطوات إعداد هذه القائمة، والذي من أهمها قياس الأهداف وفقًا لمقتضيات حياته، وقد يخرج البعض من إطار هدف التدوين النبيل إلى منحنى منافسة الآخرين بالكم والحجم على حساب ذاته وقدراته.
فمن أهم الأشياء التي يجب عليك أخذها بعين الاعتبار وتفاديًا للبس مع نفسك في تحقيق أهدافك التي تود أن تخدم بها مستقبلك وتحقق بها رغباتك، عليك أولًا أن تعي ما هو الهدف من التدوين؟ ثم ضع مقياسًا شخصيًا محوريًا حول ذاتك، وقدراتك، وظروفك الحالية، ومهاراتك، وثانيًا قم بمراجعة قائمة أهداف العام الماضي لتفرز منها ما لم يتم تحقيقه، مقيمًا على أثرها مستوى إنجازك. ثم قم بتدوين أهدافك الحالية وفقًا لما تبقى من أهداف سابقة دون إحباط، فقد يخالج الإحباط حينها مشاعرك على ما لم يتم تحقيقه، لا بأس فذلك نتيجة لتدوين سابق خاطئ.
ثالثًا: بناءً على أحجام أهدافك لهذا العام ضع مقياسًا زمنيًا مناسبًا لكل هدف، متخيلًا آلية التنفيذ وما هي المواد المساعدة التي يمكن أن تلجأ إليها، وهل هي بين يديك الآن أم تحتاج إلى توفيرها فيما بعد، وما قد تتخلى عنه لتحقق على إثره الهدف وما حجم أهميته ومكانته في حياتك، ويفضل وضع الإيجابيات والسلبيات المتوقعة التي قد تواجهك في مسيرة تحقيق هدفك، وذلك للتنبؤ المسبق بمسار تحقيقه وتفادي التأثير الجانبي الذي قد يطري على حين غِرَّة في بداية الطريق، أو في منتصفه مما يعيق عليك التقدم.
رابعًا: يُفضل تقسيم قائمة الأهداف إلى قصيرة الأجل وأهداف طويلة الأجل، وابدأ دومًا بالأهداف السهلة القابلة للتحقيق؛ كي لا تفقد العزيمة والهمّة للمواصلة، وإليك كمقترح قد يساهم في تسهيل تحقيق أهدافك أكثر، وهو أن تبدأ أولًا بتدوين الأهداف الشهرية مما ستسهل عليك عملية الوصول لأهدافك الكبرى تدريجيًا، كما أنها من الطرق الأكثر تنظيمًا وتحفيزًا وتسهيل، وذلك وفق سلم تصاعدي محدد بحجم وزمن مناسب.
خامسًا: اجعل قائمة أهدافك تتخللها المتعة قليلًا، وذلك بإضافة أهداف روتينية مثرية ومسلية مرتبطة بما تود أن يضاف إلى لحظات يومك، أو يطور من شخصيتك، كأن تكون أحد الأهداف قراءة عدد من الكتب، أو البحث في مواهبك والعمل على تنميتها، وتطوير قدراتك الخاصة وإبرازها.
أخيرًا … يأخذنا الزمن على حين غِرَّة منا، فينقضي سريعًا متناسين الكم الهائل من قوائم الأهداف السنوية، والتي قد يصيبنا على أثرها الإحباط، وتصفعنا اللحظة مدركين السعي نحوها متأخرًا، فنهيج هرعًا متخبطين في طريق نهايته سراب، مما يتسبب لنا ذلك في الإجهاد الجسدي والفكري والنفسي، ومما يحدث تبعًا له اضطرابات نفسية تمنعنا حينها من الاستقرار. ولكن تأكد لا داعي لذلك فأنت حتمًا ستصل؛ ولكن أن تصل بكامل صحتك الجسدية والفكرية والنفسية، خيرًا من أن تصل متهالك وهش فاقدًا للذة الوصول. نفسك أولًا ثم مساعيك في هذه الحياة تاليًا.