"غرناطة تسقطُ مجددًا "
الكاتبة: خلود عبدالرحيم
مَن مِنّا لم يغضب من تصرف أبي عبد الله الصغير حاكم غرناطة الأخير بعد أن سلم مفاتِيحها إلى فرناندو وإيزابيلا في عَام 1489م ضاربينَ نحنُ بالأحداث الحقيقة بعرضِ الحائط وتحميله ذلكِ العار الذي حملهُ لسنوات طِوال، موسومًا بسقوطِ جنّة المسلمين على هذهِ الأرض، مع ذلِك بقينا ولا زلنا على أمل أن تعود بشكلٍ أو بآخر .
رأينا الأندلس تتغير وتتغير على مرِّ القرون إلى أن تجردت من اللغة العربية والثقَافة ولكنَّ المكان يشهد حتى بعد ارتداءها "إسبانيا" الحديثة أنها كانت هُناك يوما عبرَ النخيل وقصور الحمراء وغيرها...
ليسَت هذه المعضلة التي يعوّل عليها مقالي، فالأمر حدث ومرّت عليه دوائر السنين عادَ إلينا أبو عبد الله الصغير بهيئة مجتمع كامِل، نحنُ مثلِه الآن، لعلهُ شطّر من تسليمه لأمرهِ أجزاء صغيرة أسكنها المجتمعات العربية، لم نسلم مفاتِيح غرناطة العظيمة، ولكننا سلمنا ما هو أقوى منها، لقد سلمنا أطفالنا ليعيشون على المبادئ الغربية التي تتكرر على مسامعهم وأعينهم أولًا عبر المقاطع المصورة، وبعد أن يكبروا قليلًا ينخرطوا أكثر في عالمِهم بحجةٍ أن الكُل يفعل ولا بديل!
حتّى أنّي أكاد لا أجد طفلًا يجيبني عن أسئلة القبر الثلاثة بِيقين تَام، وكلِ جيلٍ يزداد في هشاشتهِ، فلا يعرف مسلّمات المؤمن الكامِلة، وقِلة منهم يراقِب الله في نفسهِ، والآن وبعد أن نضع الطفل الغربي وطفلنا العربي المسلم لا يكادان أن يختلفا في الأفكار وهذا مايرعبني دائمًا بكوننا قد سلمناهم فِعلاً للفكر الغربي ، فهل نحن صورة منعكسة من أبي عبد الله الصغير؟
فاختار ألا يقاوم أكثر بسبب الحِصار، الأمر ليسَ ببساطتهِ الظاهرة فإسكات الطفل بجهاز ذكي لسنوات هو تخدِير مؤقت سيزول بعد أن يكبر أكثر وسنبدأ أو في الحق بدأنا حقًّا في جَنِي الحصَّاد.