سلسلة لقاح الوعي بالعشرية 11
الكاتب: أ.د محمد احمد بصنوي
مجلس إدارة العالم
قد يختلف البعض معي حول تسمية مجموعة السبع بمجلس إدارة العالم، ولكن تلك الحقيقة مثبتة بالكثير من الأرقام والبراهين والأدلة، حيث تمثل المجموعة 12٪ من سكان العالم، و50٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وثلثي التجارة العالمية، وتتكون من أكبر سبع دول اقتصادية على مستوى العالم، هي: الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، ألمانيا، إيطاليا، المملكة المتحدة، فرنسا، وكندا، والأهداف المعلنة للمجموعة تتمثل في إعلان قيم الحرية، وحقوق الإنسان، والديمقراطية، حكم القانون، والرخاء، والتنمية المستدامة.
ولكن ثمة أهداف أخرى غير معلنة لهذه المجموعة، خاصة انها لا تضم أكبر اقتصاديات العالم مثلما هو معلن، فالصين صاحبة ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم، غير متواجدة في هذه المجموعة، فبحسب مقياس دول مجموعة السبع تعد بكين أقل نسبياً من أعضاء مجموعة الدول السبع، وفقاً لحساب نصيب الفرد من ثروات البلاد، لذا لا تعتبر الصين من دول الاقتصادات المتقدم، رغم أنها الدولة الأكبر من حيث عدد السكان وثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهذا الأمر يثير الكثير من الأسئلة، ويطرح الكثير من علامات الاستفهام؟
في الحقيقة مجموعة السبع عبارة عن تحالف غربي لمواجهة الشرق، وهذا الكلام ليس خياليًا، بل حقيقة مدعومة بالكثير من الأدلة، فقد أعلنت القمة الأخيرة لهذه المجموعة عن خطة عالمية واسعة بتكلفة تتخطى التريليون دولار، لتطوير البنى التحتية في الدول الفقيرة والناشئة بمبادرة من الرئيس الأميركي جو بايدن، ولكن أين المشكلة؟، أكثر دول العالم تقدمًا تدعم الدول الفقيرة في كل أنحاء العالم بمئات المليارات من الدولارات، فهذا الامر يستحق الثناء والشكر بل والتأييد، ولكن أين الخلل؟.
الإجابة على هذا السؤال تكمن بأن هذا الدعم لم يأتي من فراغ، أو من أجل مساعدة فقراء العالم كما هو معلن، ولكنه يأتي من أجل محاربة إحياء طريق الحرير الذي أعلنت عنه الصين، حيث أثارت مبادرة "الحزام والطريق" الصينية مخاوف الغرب، بعد توقيع اتفاقات وشراكات استراتيجية مع أكثر من 100 دولة، لتنفيذ هذه المبادرة التي تشمل مشاريع ضخمة مثل مد خطوط سكك حديدية، وإقامة موانئ وطرق سريعة، وغيرها من مشروعات البنى التحتية، وقامت الصين بإنشاء أكثر من 2600 مشروع، مرتبط بالمبادرة، بـ 3.7 تريليون دولار، رغم تأثُّر نحو 20% من المشروعات بسبب بجائحة كورونا، بحسب بيان الخارجية الصينية.
ورغم أن دول مجموعة السبع معنية في المقام الأول بتنشيط الاقتصاد العالمي بعد أزمة كورونا، باعتبارها الأكثر قدرة، وإمكانية على مواجهة هذه الجائحة، خلاف أنها الأكثر استفادة من إعادة الاقتصاد لنشاطه مرة أخرى، خرجت علينا هذه المجموعة بتوفر مليار جرعة للدول الأكثر فقرًا لمواجهة كورونا، وهو ما يعني تطعيم نصف مليار فقط، خاصة أن اللقاح لكي يكون فعالاً يؤخذ على جرعتين، وهذا الأمر لقى انتقادًا كبيرًا من منظمة الصحة العالمية، حيث قال مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس ادهانوم: "نرحب بهبة اللقاحات من دول مجموعة السبع، لكننا بحاجة إلى أكثر من ذلك وبشكل أسرع"، ودعت منظمة الصحة العالمية إلى التحرك لتطعيم الدول الأكثر فقرًا، خاصة أن إنهاء الوباء بشكل فعلي، لن يحدث إلا من خلال تلقيح 70% على الأقل من سكان العالم، وهذا الهدف لا يمكن تحقيقه إلا بتوفير 11 مليار جرعة من لقاح كورونا بدعم من مجموعة السبع.
عدم اهتمام هذه المجموعة بتوفير لقاح كورونا لفقراء العالم، يعيد إلى الذهن الأطروحات حول وجود خطة لخفض عدد سكان العالم تطبيقًا لما يسمى بنظرية المليار الذهبي، حيث تنص على أن عدد سكان الأرض سيصل إلي حوالي ٧ مليار نسمة- وهو ما نحن عليه الآن- في حين أن موارد الأرض لا تكفي سوى لمليار نسمة، أي أن هناك مليار شخص يستحق أن يعيش علي الأرض، والستة مليارات الآخرون يجب التخلص منهم في أسرع وقت، لأنهم يستهلكون من موارد الطبيعة، وبالطبع المليار الذي يستحق أن يعيش علي الأرض هم الجنس الأبيض من أوروبا وأمريكا، والجنس الذي يجب إبادته هم الطبقة الثالثة من العالم وهم العرب والأفارقة في رأيهم.
بالطبع قد لا يقتنع الكثير بهذا الأمر ويصفه بالهراء، وبأنه مجرد كلام من نسج خيال كاتب المقال، ولكن هذا الأمر مثبت بالكثير من الحقائق والبراهين والأدلة، ولعل أهمها على وجه الإطلاق حديث هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي، ومستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق، بأن العالم يشهد الآن تطبيق نظرية المليار الذهبي بالقول: "نحن اليوم نعيش في عصر المليار الذهبي بالفعل، ولكنهم لا يحتاجون لقتل 6 مليارات الاخرى، فهم ينهبون ثرواتهم و يحرصون على ابقائهم متخلفين، و يأخذوا منهم ما يريدوا دون مقابل، اما تقليص السكان فيجب أن تكون الأولوية الأهم في السياسة الخارجية، تجاه دول العالم الثالث".
وأخيرا وليس آخرًا، فإن العالم ليس واحة للسلام، ومنذ بداية الخليقة، يشهد الكثير من المؤامرات التي لا داعي لذكرها في هذا المقال، من أجل تحقيق مصالح لفئة معينة، ولذلك علينا دائمًا أن نكون على وعي ودراسة بهذا التاريخ، حتى لا نقع فريسة لتلك المؤامرات مجددًا،...لست من أنصار نظرية المؤامرة طوال الوقت، ولكن هناك بعض الحقائق والمعلومات التي سُردت في هذا المقال، تحتاج إلى تدبر وتفكر وتمعن ودارسة.