للكاتبة عايشة البيرق
..
أطفالنا نعمة المولى التي تزين الحياة نستقبلهم بشغف وحب . وتبدأ خطواتهم الأولى برحلة البحث والاكتشاف الذي يصحبها الكثير من الغموض وربما تزدحم بسلوكيات تختلف عن طباعنا وتثير الحيرة والانزعاج لدى بعض الأسر لأنها قائم على أساس
غريزة الفضول التي يولد الطفل بها وتدفعه إلى التعرف على كل شيء من حوله واستكشافه بنفسه، وقد يؤدي به الفضول في كثير من الأحيان إلى إفساد الأشياء أو تكسيرها، الأمر الذي يسبب الإزعاج لكثير من الآباء والأمهات وغضبهم وهم يجهلون السر وراء ذلك..
ولا يدركون أن الطفل الفضولي بطبعه هو الأكثر ذكاء حينما يكبر، فهذا الفضول ينمي من خلاله قدراته العقلية ومهاراته الفكرية، كما أنه يخلق منه شخصا مبدعا في المستقبل. و هذا قائم على أساس علمي يطلق عليه "الطفرات السلوكية" :و تعد جزءاً من هذا الفضول، حيث أن اهتمام الطفل الصغير بشيء معين وانجذابه نحوه والذي ينبع من رغبته في اكتشاف أسراره.
والمؤسف في هذا الأمر قلة وعي الكثير من الآباء والأمهات بهذه النعمة مما يجعلهم لا يكترثون بهذه السلوكيات لدى أطفالهم معتقدين أنها حب استطلاع مرضي، بل إن منهم من يلجأ إلى تعنيف الطفل كي لا يتبنى مثل تلك السلوكيات مرة أخرى، وهو ما قد يقتل بداخله بذرة إبداعية ربما تكون في طريقها إلى النمو في تشكيل شخصيتهم التي ستعمل على تغيير مسار حياته في المستقبل ..
لذا وجب على الأسرة الاهتمام بهم وأن تحرص الأم على متابعته أطفالها فيمراحل طفولتهم المختلفة لتتعرف على ميولهم ورغباتهم، فهناك الكثير من الأطفال الذين ينجذبون إلى الكهرباء على سبيل المثال، فيقومون بتصرفات غريبة تجاه أسلاك الكهرباء، إلا أن خوف الأم يدفعها إلى منعه وضربه وتخويفه من الاقتراب من هذه الأسلاك مرة أخرى، ولا تعلم أن هذا الانجذاب الغريب للكهرباء قد يكون منذرا بأن يكون له شأن كبير في هذا المجال مستقبلا.
ومن هنا نقف على أهم دور للأسرة وهو تنمي قدرات طفلها وتعزز من ميوله حينما تلاحظ انجذابه لاكتشاف شيء ما والرغبة في خوض أسراره، وذلك بأن تأتي له بكتب تمده بالمعلومات الكافية عن هذا الشيء الذي يحبه وينجذب إليه، ولا مانع في أن تقوم الأم مثلا بعمل نموذج صغير آمن لهذا الشيء يحاكي الواقع كي يلعب به الطفل ويمارس من خلاله هوايته في اكتشافه أن الطفرة هو سلوك جديد مرتبط بمرحلة زمنية من عمر الطفل.
ولتحقيق الشخصية التي نتمناها لأطفال بصورة متكامل واستغلال هذه النعم والطفرات السلوكية بشكل إيجابي لابد أن تلتزم كل أسرة بالتالي:
مراقبة الطفل والتواصل معه من أجل تحديد الاهتمام بدقَّة ..
. التركيز أولاً على حماية الطفل وأمنه وسلامته.
. توفير بيئة مناسبة له ليمارس اهتمامه.
. مشاركته اهتمامه من أجل توعيته وتوجيهه نحو طرق اللعب حسب الاهتمام.
. توفير الحاجات اللازمة لتنمية ذلك الاهتمام.
. الاهتمامات تساهم في تنمية قدرات الطفل العقليَّة.
. تلك الاهتمامات مفاتيح لمواهب الأطفال وميولهم.
. الاهتمامات فرصة تعليميَّة للطفل من المهم استغلالها.
. تساهم ممارسة الاهتمامات في تقويم سلوك الطفل إذا اهتم بها الأهل.
يكتسب الطفل كثيراً من المعلومات والمهارات من خلال ممارسة اهتماماته من دون قيود.
. والأهم مشاركة الطفل اهتماماته يعزِّز العلاقة بين الأهل والطفل ومد جسور التفاهم والحب مستقبلا.
كونوا دوما سنداً لأطفالكم ولا تفسروا ما تتأملوه بصورة متسرعة فربما يكون هذا الحكم ظالم وقاتل لمواهب أبناءنا . فهم يحتاجون دعمنا واحتوائنا لهم .