"سلسلة لقاح الوعي بالعشرية" 3
بقلم:أ.د محمد احمد بصنوي
لماذا يرفص نصف الشعب الأمريكي لقاح كورونا؟
حالة من الشلل بدأت تصيب العالم مجددًا مع الموجة الثانية من فيروس كورونا، فالدول تغلق حدودها تباعًا مع انتشار الموجة الثانية في أوروبا، وظهور سلالة جديدة من الفيروس في بريطانيا، فالجميع يخشى من هذا الفيروس الذي أدى لوفاة 1.7 مليون شخص حتى الآن، لكن الخبر الجيد هو خروج أكثر من لقاح لكورونا إلى النور، بنسبة نجاح تصل لـ95% ، وإذا ما أردنا أن نستعيد حياتنا بشكل اعتيادي مثل السابق، فلا يوجد حل إلا التطعيم باللقاح، لكن ثمة مشكلة أخرى تتمثل في تشكيك عدد كبير من الأشخاص حول العالم بأمان هذا اللقاح، ولكي تنجح اللقاحات في احتواء هذا الفيروس، فلابد أن يحصل عليها 70% من البشر الذي يتشكك عدد كبير منهم بأمان هذه اللقاحات، لتحقيق ما يعرف بمناعة القطيع التي تعني: "تتمتع نسبة كافية من أفراد المجتمع بالمناعة، مما يعيق انتقاله من شخص إلى آخر"، ناهيك عن عدم قدرة بعض الدول على شراء هذه اللقاحات، تلك هي الأزمة الحقيقة لمواجهة هذا الوباء.
السؤل الذي يثير نفسه الآن، هل التخوفات والشكوك من اللقاحات المتوفرة الآن مشروعة أم لا، الإجابة بكل بساطة هذه التخوفات مشروعة للعديد من الأسباب النظرية والعلمية والتاريخية، فخروج أي لقاح إلى النور في العادة في حاجة لعدة سنوات، بينما لقاح كورونا خرج في عدة أشهر، خلاف أن وجود تداخل واضح ما بين العلم والسياسة، فإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قامت بممارسة ضغوط كبيرة على هيئة الدواء الأمريكية، لسرعة إصدار ترخيصاً طارئاً للقاحي موديرنا وفايزر ، ناهيك عن وجود منافسة سياسية على الصعيد الدولي حول هذا اللقاح، فروسيا كانت من أوائل الدول التي اعلنت عن انتاج لقاح "سبوتنيك في" دون الانتهاء من التجارب، الأمر الذي ادى لاستقالة طبيب كبير في "مجلس الأخلاقيات" بوزارة الصحة الروسية احتجاجاً على ذلك، وهذا الأمر ينطبق ايضًا على اللقاح الصيني "سينوفارم".
ليس هذا فقط، بل هناك أسباب تاريخية تزيد من مخاوف البشر حول العالم، من حصول اللقاحات على ترخيص الاستخدام الطارئ، فقد أعطت إدارة الدواء الأمريكية لقاحاً بهذه الموافقة القياسية مرة واحدة فقط، لكنها كانت في ظروف غير عادية، ورفع الجنود دعوى قضائية، بحجة أن لقاح "الجمرة الخبيثة" الإلزامي جعلهم مرضى، وأوقف القاضي البرنامج، خلاف أن عملية التعجيل بصنع اللقاحات أدت للكثير من النتائج السيئة والكارثية، ففي عام 1955 أعلنت الحكومة الأمريكية عن أول لقاح لحماية الأطفال من شلل الأطفال، وصنعت المعامل آلاف من اللقاحات خلال أيام، وتضمنت دفعات من إنتاج شركة واحدة "كاتر لابز" عن طريق الخطأ على فيروس شلل الأطفال الحي، وحصل أكثر من 200 ألف طفل على لقاح شلل الأطفال، وأصيب 40 ألف طفل بشلل الأطفال، وتوفي نحو 10 آخرين، وتوقف برنامج العمل بهذا اللقاح.
ولك أن تعلم أن40% من الأميركيين يرفضون تلقي اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد، وفقا لاستطلاع رأي أجراه مركز "بيو" للأبحاث، ما يزيد مهمة احتواء الفيروس تعقيدا، ويرجع ذلك لتدني الثقة بأمان اللقاحات، لسرعة تطويرها في فترة لم تتعدى ثمانية أشهر، بينما كان الرقم القياسي السابق لتطوير لقاح لا يقل عن أربع سنوات وفقًا لموقع "cnbc"، كما أن الحصانة التي تتمتع الشركات المنتجة للقاحات، مثل "فايزر" و"بيونتك" و"موديرنا"، تعد سببا آخر يقف عائقا أمام الثقة بأمان اللقاح، وتتمتع الشركات بحصانة كاملة من الدعاوى القضائية المرتبطة بالآثار الناجمة عن اللقاح حتى عام 2024 وفقًا لموقع "الحرة" .
وأخيرًا وليس آخر، فانا لا أريد بهذا المقال تخويف الناس، من الحصول على اللقاح الخاص بفيروس كورونا، فاللقاحات أثبتت فاعليتها على مر السنين في التصدي للأوبئة وحماية أرواح الملايين، ولكني أريد من خلال الحقائق التي ذكرت سالفًا، عدم التعجل والتدقيق في الحصول على أي لقاح، لأن هذا الأمر مرتبط بحياة وسلامة الملايين من البشر...ولكن هل من يستمع؟.
بقلم:برةفيسور/ محمد احمد بصنوي