"حتى لا نقع فريسة"
هناك اتجاه عالمي جديد بقيادة "بيل جيتس" لحث الدول على الإتجاه بقوة نحو اللحوم المصنعة أو المستنبتة في المختبرات، لعدة أهداف ترويجية مُعلنة منها: مكافحة الفقر وحل أزمة الغذاء العالمية، نظرًا لقلة المراعي الطبيعية التي لا تتناسب مع عدد سكان الكرة الأرضية المتوقع وصوله لـ 8.9 مليارات نسمة بحلول عام 2050، والعمل على مواجهة التغيرات المناخية، فالبقر هو الأسوأ تلويثاً للبيئة على حد ادعائهم، ويُصدِر ما يزيد على 105 كيلوغرامات من انبعاثات الغازات الدفيئة لكل 100 غرام من البروتين، خلاف أن قطاع الثروة الحيوانية يستهلك سنويا 6 مليارات طن من العلف الجاف، وثلث إنتاج الحبوب العالمي، وفق ما ذكر تقرير منظمة الزراعة والأغذية العالمية التابعة للأمم المتحدة "الفاو" (FAO) والتابعة لنفس الجهة الرئيسية التابعة لها معظم المنظمات العالمية المزعومة .
لكن ما هي اللحوم المستنبتة أو المصنعة بالمعنى الأصح؟ هي لحوم تُنتج من خلال أخذ جزء من الخلايا الجذعية من لحوم ماشية حية، ثم زراعتها ونموها في المختبر على مدار أسابيع، وجرى إنتاج أول لحم صناعي من قبل فريق من العلماء الهولنديين عام 2013، وكان إنتاج لحم برغر في المختبر بتكلفة إجمالية بلغت 330 ألف دولار، بينما تُكلف القطعة الواحدة حالياً 10 دولارات للوحدة الواحدة في مقياس المعمل، ومن المتوقع أن تنخفض بصورة أكبر مع زيادة الإنتاج، وتحتل الشركات الأمريكية جزءا كبيرا في قطاع تصنيع اللحوم في المختبرات، مثل: شركات Impossible Foods و Beyond Meat و Memphis Meats و Pivot Bio، وبيل جيتس هو أحد المستثمرين في كل هذه الشركات.
يُروج "بيل جيتس" للحوم المصنعة بأنها نظيفة، لأنها تنتج انبعاثات من الغازات الدفيئة أقل من اللحوم التقليدية بنسبة بين 78 و96%، وتستهلك أراضي أقل بنسبة 99%، وماء أقل بنسبة تتراوح بين 82 لـ92%، فاستزراع الخلية بحجم بيضة من الممكن أن ينتج لحماً أكثر بملايين المرات عن حظيرة الدجاج المُكدسة بـ20 ألف دجاجة، كما أن تكاليف الطاقة أقل كثيراً ولا تًهدر أي أجزاء من الحيوانات، وفقًا لبحث صادر عن معهد "الغذاء الجيد" في واشنطن، كما يفترض أن تكون اللحوم المصنعة في المعمل لا تحتوي على هرمونات نمو، كما أن لهذه اللحوم مزايا صحية كما اظهروها .. مثل كونها معقمة، وتحتوي على كمية أقل من الدهون المشبعة، وهناك إمكانية تجعلها تحتوي على الأحماض الدهنية "أوميغا 3".
جميع الأهداف المذكورة سابقًا نبيلة ووردية من حيث الشكل، ولكن قد تكون هناك أهداف أخرى غير مُعلنة وراء دعاوي التوسع في هذا النوع من اللحوم، لست من مهاجمي أي شيء جديد يطرأ علينا، ولكن هناك ضرورة للتوقف أمام فكرة تصنيع الطعام بالمعنى الحرفي للكلمة، وهذا إن حدث فسيكون أول تعديل بشري على ما يتناوله الإنسان من الطعام منذ بدأ الخليقة، خلاف الغموض الذي يُرافق الأثر الصحي على المدى البعيد على الإنسان، وهناك مخاوف من أن يؤدي استنبات اللحم إلى توليد خلايا مُعيبة قد توفر بيئة لبعض أنواع السرطانات وفقًا للموقع "دوتش فيلا" الألماني، وهو ما يعني إيجاد أمراض جديدة قد تقضي على البشرية، أو تُخفض عدد السكان وفقًا لبعض المخططات الماسونية ، كما ظهر الغرض من لقاح كورونا مؤخرا.
ما يُثير الكثير من الشكوك حول هذا الأمر هو أن "بيل جيتس" هو من يقف وراء هذا الفكر، فوفقًا لبيانات جمعتها صحيفة نيويورك تايمز وشركة Zignal Labs، ربطت نظريات المؤامرة بين اسم بيل جيتس وفيروس كورونا نحو 1.2 مليون مرة على برامج التلفزيون ووسائل التواصل الإجتماعي، بنسبة أكبر 33% من ثاني أكثر نظرية مؤامرة شعبية وهي ربط شبكات الجيل الخامس 5G مع انتشار الوباء، وهذا الامر إن دل على شيء، فيدل على وجود هدف ما يسعى إليه بيل جيتس.
فكرة اللحوم المخبرية لم تتوقف فقط أمام النظريات العلمية أو المختبرات، بل أصبحت شيئًا واقعيًا، فقد أجازت سنغافورة استخدام اللحوم المصنعة مخبرياً في مطاعمها كأول دولة في العالم تجيز ظاهرة غذائية جديدة تُعرف بـ "اللحوم المخبرية" وأصبح يُروج لهذه اللحوم على أنها أفضل وسيلة لحماية البيئة والإحتباس الحراري والحماية من تعرض العالم لمجاعة.
واخيرًا ، وليس آخرًا، فنحن أمام كارثة حقيقية، قد تهدد مستقبل بلادنا إذا ما انتشرت هذه اللحوم المصنعة مخبريًا، على غرار الوجبات السريعة مع الفرق الشاسع في المثال ،من الضرر الصحي المؤكد ، ولذلك علينا أن نعمل من الآن فصاعدًا على توفير طعامنا، من خلال الإستثمار داخل البلاد، ونحن قادرون على عمل المعقول والمستحيل ايضا لأننا نملك عصب الحياة وهو المال .
فلا نريد أن نكون صيدًا أو فريسة لمثل هذه الأهداف أو نندم حين لا ينفع الندم.
الكاتب:
أ.د محمد بصنوي