*يا لفرحتي إنقطع النت في بيتي*
ليلة البارحة إنقطع الإنترنت عن بيتى ويا للهول ممّا جرى ،ولكن يالفرحتى ممّا جرى عندما رأيت أولادي وبناتي يخرجون من غرفهم الواحد تلو الأخر أحدهم في يده جوال والأخر فى يده أيباد ، إنّه صمت ، رهيب من النت، في البيت فلا صدى يوصل هنا أو هناك.
و جلسوا معي جميعاً في الصالة وبجانبي والدتهم وبدأنا نتجاذب أطراف الحديث مع بعضنا البعض بعد هذا الغياب، وبعد أن عزّ اللقاء أيام و ليالي طوال، وكأنّ كل واحد منهم في حبس إنفرادي في غرفته .
فبعد إنقطاع النت ليلة البارحة وبعد كلّ هذا البعد بيننا ، و كأنما نحن أغراب عن بعضنا بسبب هذا العصر ، عصر الجوال و الكمبيوتر والأيباد .
فلقد كانت أمسية ليلة البارحة ليلة جميلة، ورائعة ، ونحن في قمة السعادة بعد لمّة العائلة ، مع بعضها على طاولة واحدة و في صالة واحدة (و بدون نت) فالتكنولوجيا الحديثة فرّقت ، و باعدت المسافة بيننا وبين أولادنا و نحن في الدار ، بجوار بعضنا فجعلتنا غُرباء ، وفي صمت رهيب فلا صوت أو همس يوصل بيننا
عندما نكون جميعاً ، مع بعضنا على سفرة واحدة غداء ، و عشاء فهم لهم طعام سريع لا يسمن ولا يغني من جوع ونحن لنا طعام البيت المألوف.
و اليوم و بعد البارحة إنني أخاف، أكثر مما أخاف على أطفالنا من تكنولوجيا قادمة غداً أو بعد غد من ساعة ذكية و نظارات أبل الذكية التي (تنقل العالم الرقمي إلى العالم الخارجي الحقيقي) وما أدراك ما الذكاءات الأخرى وما خفي منها كان أعظم ناهيك بأننا لا نسطيع أن نحسب ألأعداد الهائلة للتكنولوجيا السريعة القادمة ، و لهذا يجب علينا جميعاً فى الأسرة و المدرسة و المجتمع أن نوجّه الأطفال ، و نغذي عقول الأجيال بالأرشادات الكافية، والنصائح التامة ، قبل وقوع الطامة ، و قبل أن يقع الفأس على الرأس ، ونشرح لهم فوائد القادم من التكنولوجيا من ناحية ، ومضارها من ناحية أخرى ، فلا يجب أن نتوانى أو نهدأ لأن التكنولوجيا تهرول سريعة و لا تهدأ ،و نحن لن يهدأ لنا بال على اطفالنا إن لم نستعد للقادم من التقنية الحديثة التي تأتي من كل حدبٍ وصوب وتدخل ولا تطرق علينا الأبواب.
الكاتب / فيصل سروجي