تضحية
الكاتبة / ليلى ربيع
حثته أمهُ على الخروج من المنزل واللعب مع صبية الحيّ ، ولأول مرة تسمح له بذلك في ساعة متأخرة من النهار .
تذكر حينها أخته التي كانت تلازمه في الدخول والخروج فهي تصغره بعامِ واحدِ فقد أتمت قبل أسبوع أثنتي عشرة سنة .
سرح ببصره فرأها تهيم في لجج الضياع ، تسير نحو مجهول لاتعلم خباياه.
تعرق جبينه حينما رأها ترتدي فستانًا أبيضًا مرصعًا بالكرستال كانت تغمغم عيناها بأشياء كثيرة يعرفها كالخوف والألم.
زينت أمها وجهها لتبدو فتاة عشرنية ،عينان سوداوان وبشرة زيتونية صافية .
إنزوت في ركن الحجرة .
قلب بصره نحو أمه فشعر بقلبها يعتصر الماًوكأن جوهرة ثمينة ستسرق منها الليلة ، وفي وجهها صرخة اعتراض مكتومة .
أرتجفت شفتاه حينها وتقوس فمه للأسفل .
عتمة خالية من كل حياة شعر بها.
في الضوء الشحيح لمح كياناً رأه رجلاً أربعينياً يقف عند مدخل بيتهم يحمل هدية وفوقها باقة من الزهور ،تسارعت نبضات قلبه كان يصرخ باختناق ، تناهى إلى سمعه صوت أخته وهي تقول له عُد عُد .
رجع متوارياً تتساقط دموعه بغزارة يصطدم، يتعرقل ، يتعثر في كل خطوة،كان صامتاً كالموت.
كتم أنفاسه ومشى على أطراف أصابعه متوجهاً إلى المطبخ .
إنحنى والتقط سكيناً حاداً كشفرة موس لينهي تلك الليلة.