الكلمة هي بلسم الأفئدة
الكاتبة : سحر محمد
الكلمة هي الشيء الأول الذي تقع عليه العينان، وتستمع إليه الأذنان، وتحرك المشاعر، بكلمة قد تثير المشاعر وتدفع الشخص إلى اتخاذ قراره في شأن ما، قد تكون هذه الكلمة هي المحرك الأول لنجاحه، أو دفعه نحو الهاوية.
وقد يحب المرء شيئاً بسبب كلمة سمعها عنه، أو يكرهها ويبغضها أشد الكره، وبالكلمات قد تستطيع أن تقنعهم بقولك، فالكلمة لها سحر التأثير على الآخرين، فكم من مهموم انشرح صدره من كلمة، وكم من حزين وجد السلوان في كلمة، فالكلمة هي السلوان لقلب المرء، كلمة من أحدهم قد ترمم قلب الجريح، وتكون الدواء لدائه.
بالكلمات تُبنى الأجيال والأمم، فكم من طفل صنعته كلمة من أحدهم، ليكون قائد المستقبل، وناجح في تحقيق أهدافه والوصول إلى مبتغاه، وكم من كلمة كسرت أجنحة طفل قبل حتى أن يحاول الطيران بها.
بالكلمات تتوطد العلاقات، وتبنى الجسور بين المتحابين والمتخاصمين، وتعود المياه إلى مجاريها، وكم من صداقة بدأت بسبب كلمة لطيفة من أحدهم، وكم من كلمة ساعدت في وقت الضيق.
يقولون أن الكلمة تجرح أكثر من الضرب، فالكلمة قد تترك جرحاً غائراً في قلب المرء لا يزول مهما مضت السنين، حتى تأتي كلمة حانية تمسح آثار الكلمات المسمومة وتكون بلسماً شافياً له، وبالكلمة قد تنهار الجسور وتفترق القلوب، وبالكلمة قد تبدأ شعلة النيران لتحرق كل أفعال خيرة قمت بها، وينهار جميع ما صنعته في السابق لتكون على وفاق معهم، فلما نجعل الكلمات تأثر على حياتنا وعلاقاتنا؟ لما نجعلها ترفعنا عالياً أو تسقطنا أرضاً؟
لما لا نراقب ألسنتنا قبل الحكم على أحدهم بما تراه أعيننا، ماذا لو كانت كلماتنا ظالمة لهم؟ ماذا لو جعلت حياتهم جحيماً؟
وحتى لو صدق قولنا، فما الفائدة مما ننطق به؟ هل بتحطم حياة أحدهم ستسعد حياتك؟
ستدور عجلة الحياة لتذوق مُر ما فعلته بهم، ولولا الأثر السيء للكلمات السيئة عن الآخرين لما حرم ربي الغيبة وجعلها من كبائر الذنوب، ولولا هول ما تنطق به ألستنا من كلمات سيئة لما حذرنا رسولنا محمد صل الله عليه وسلم في حديثه القدسي: ((وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟)).
إذن لما لا نجعل لساننا عطراً لا ينطق الا بما هو جميل، كما أوصانا نبينا محمد صل الله عليه وسلم في قوله: ((الكلمة الطيبة صدقة)) حتى في الكلمة الطيبة صدقة تؤجر عنها وأثر حسن تتركه خلفك ليذكرك الناس به ويدعون لك في كل لحظة يذكرونك فيها.
لولا الكلمة الطيبة هل كنا سنصل إلى هذا الترابط والانسجام بين بعضنا البعض؟
الكلمة هي مفتاح قلب المرء، وبه تصل إلى روحه وتسكنها لتكون عزيزاً عليه مؤنساً له، وهي من تبني جسور المحبة والثقة بين الأشخاص.
لذلك تريث في اختيار كلماتك، لأن تأثيرها أعمق مما تظن.