الكاتب - هتان المدني
على مدار أكثر من أربعة عشر عامًا من العمل في بيئات وظيفية متعددة، اكتسبت خبرة واسعة في التعامل مع أساليب إدارة مختلفة وأجواء عمل متنوعة. بعض تلك البيئات كانت محفزة وداعمة، حيث تسود فيها روح العدالة وتقدير الكفاءات، في حين أن البعض الآخر كان مختلفًا تمامًا، حيث تُدار الأمور وفق معايير قد تبدو غامضة أحيانًا، مما يدفع للتساؤل حول أسس التقدير والترقيات.
في بعض الحالات، قد يواجه الموظف المجتهد واقعًا يشعر فيه بأن الجهد والإبداع وحدهما لا يكفيان لنيل الفرص التي يستحقها. فقد تُمنح المناصب أو الامتيازات لأولئك الذين يملكون روابط وثيقة أو علاقات خاصة مع صانع القرار، بغض النظر عن مستوى كفاءتهم أو خبرتهم. وهنا يجد الموظف الكفء نفسه أمام معادلة غير متكافئة، حيث الجهد وحده لا يضمن العدالة.
في مثل هذه المواقف، تظهر أهمية التمسك بالقيم المهنية والعمل بإخلاص دون الالتفات إلى ما قد يبدو من تباين في الفرص. فالتحدي الحقيقي ليس فقط في تحقيق التميز، بل في الحفاظ على الالتزام والعمل بروح عالية رغم العقبات.
ولعل الدرس الأهم هنا هو ألا يربط الموظف رضاه الوظيفي فقط بالتقدير الخارجي. فالإنجاز الحقيقي يكمن في استشعار قيمة العمل وتأثيره، وفي الإخلاص لله أولًا وأخيرًا، مع إدراك أن العدالة المطلقة ليست دائمًا بيد البشر.