ما أجمل الشعور بالأمان في حضن الأب ، قد كانت وما زالت العبارة ( كل فتاة بأبيها معجبة ) تتردد في ذهني منذ صغري حتى الآن وأقول لنفسي أيعقل أني الوحيدة المعجبة بأبيها أم أن ( كل ) تشمل كل فتاة بهذا الكون ؟أيعقل أن كل فتاة لديها أب بعظمة أبي ؟ أم ( كل ) فتاة بالكون معجبة بأبي ؟
ففي نظري هو الأب الخارق ولا يوجد بالكون أب مثل أبي .. ولا بد أن كل الفتيات يشاركوني اعجابي بأبي رحمه الله .
نعم كيف لا ؟
عندما كنت صغيرة ابحث عن ابي في البيت ولا أجده فأسأل أمي عنه ، فتجيبني فوراً : ذهب يقتل الكلب ( لعلمهم بخوفي من الكلاب ) وكنت أفرح كثيراً لأني أشعر بالأمان بل أُصدِّق أن خروجه من البيت حتى يقتل خوفي لاستمتع بأمان أبي !
وكنت أفخر بقوة أبي رغم أنه ( بيد واحدة ) وأصدق بأنه رجلٌ قويّ خارق سيقتل خوفي دوماً ، في صغري ومراهقتي وشبابي وحتى بعد زواجي اتمرغ في أمانِهِ لأنه سيقتل خوفي .
حتى عندما مرض ودخل غرفة العمليات في حالة خطيرة جداً كنتُ مطمئنة وقلبي ممتلئ بأمان أبي ، ولم أخاف لأن أبي الخارق سيقتل خوفي ، ولكن ما حدث بعدها عندما تدهورت حالته الصحية ورأيت كيف زُلزل الأطباء ذعراً وهم يحاولون اسعافه ، بل شعرت بالزلزال في جوفي وقلبي حتى تهدمت أركان أمان أبي و اجتاحني الخوف والذعر لأول مرة ليسيطر شعوري بالخوف كل جسدي وعالمي ، فاختلط النهار مع الليل فلا أنام ولا آكل ولا أمارس أمومتي لأطفالي ولا أهمية لأحد في حياتي فقط كل ما يشغلني هو أبي ، وأقول في نفسي وأردد متى يا أبي كما عودتني ستقوم وتقتل خوفي المتعاظم في كياني وعالمي كلهُ حتى شاب شعري من الهلع في أيام معدودات ، أبي اسمعني فأنا طفلتك التي تنتظرك لتقتل خوفها .
الخوف الذي لم أشعر به قط طول عمري لوجودك بحياتي وتَمرُغِي بأمانك بلا حدود .
أبي هيا انهض ، هيا يا أبي فطفلتك خائفة تنتظرك لتقتل ( الخوف ) ، أبي اني ارتجف رعباً وهلعاً من فقدانك ، أبي لا تتركني مع خوفي فمن سيقتله ؟
أبي ... أبي ... أبي مات ؟ أبي مات وانتقل إلى جوار ربه ...
فأصابني الهلع واستفرد بي وضعت .. كأني مركب في بحر الحياة وأبي مرساتي وعندما ضاعت مرساتي ضاع المركب وتلاطمتهُ الأمواج ، وأصبح في غياهب البحر لا مرساة له ولا اتجاه ، ضعتُ وضاعت اتجاهاتي فما عرفتُ طريق العودة واستغرقني التيه للآن ، لأن الخوف شلني وتاه مني أمان أبي .
ولم اجده إلاّ بقربي من الله وهذا الأمان الرباني هو السبب الوحيد للآن الذي لم يجعلني ألحق بأبي .
أبي أحبك أفتقدك وأشتاق إليك ,اشتاق لأمانك ..
أبي الحبيب فقط سؤال واحد يشغلني بعد سنوات من فقدك ، هل أنت راضٍ عني ؟
فهذا ما يشغلني الآن وتدور حوله حياتي ..
كتبته وجاءك من النار
ابنتك المحبة حنان