متجر الكلمات
الكاتبة : خلود عبدالرحيم
"سأخبرك يا أيها الكاتِب الشاب برأيي الأدبي تجاه عملك المكتوب، ولكن بشرط أن تودِع في البداية قيمة - الرأي - إلى حسابي البنكي الخاص "
بالطبع أثار المقتطف هَذا من حوار غير مُتوقَع حفيظتكم، ربما حتى أغضب المختص في النقد الأدبي، هذا بالتحديد ما يحدث خلف أستار - المبادرات الأدبية – كما يسميها أصحابها، بل وتطور الأمر ليشمل بعض الخدمات الأولية التي يمكن لأي شخص مُدرك للنشر فعلها، كإصدار الفسوحات الرسمية للأعمال المنشورة إلكترونيًّا وورقيًّا، أمر قد نستخف بفكرة تقديمه كخدمة أدبية، ولكن تكمن الخطورة في استهدافهم للوليدين في عالم النشر.
فبعد أن يتقصوا الجزء المعرفي للهدف، والجدوى المالية المترقبة منه، يقدمون له أنفسهم بعدها بابتسامة الداعمين في محاولة لكسب ثقته بكونهم زملاء في ذات المجال ، فتبدأ سِلسة الاستفادة المالية بعد حشو الكاتب بفكرة أن ليسَ هناك طريقة أخرى للنجاح سِوى هذه الخدمات التي يقبع خلفها - فِي الحقيقة- أشخاص غير مختصين، وحتى من يدير هذه المبادرات الوهمية أبعد كل البعد عن كتابة مقالة من خمسة أسطرٍ بطريقة سليمة لغويًّا وبلاغيًّا، وإنه لمن السخف أن يقدم الشخص شيئا عليهِ أن يتعلمه أولاً!
قبل أعوام، لم يكن لدى الأدباء الجُرأة الكافية لإدارة أمور كهذه والاستفادة منها، أما الآن وبعد دخول أفواج من مُدَّعي الكتابة مجالنا الأدبي تحوَل الأمر لتجارة حقيقية، وواجبنا ككُتَّاب وذوي خبرة أن نوجِّه الناشئين ونرشدهم، فهم فرصتنا الحقيقية القادمة وبِهم تقوى البنية الأدبية الحالِية، واستمرار صمتِنا هذا سيكلفنا خروج بعض الأقلام القوية من مجالنا الأدبي بحجة أن لا بُدَّ أن يكون لدى كل كاتب مفاتيح "مغارة علي بابا" لدفع رسوم النشر التي لا خلاف أنها عالية جدّا لدى بعض دور النشر عند مقارنتها بجودة إخراجهم للعمل المطبوع، وللدفع أيضًا للمنشورَات الترويجية والمشاركة في معارض الكتاب المحلية، وهذه الأمور الثلاثة لا خلاف فيها مع التحفظ عن بعض رسوم دور النشر، ولكن المضحك المبكي أن يدفع هذا الكاتب ما تبقى لديه من مال ليخبره أحدهم عن رأيه، ومع استمرار أهزوجة المدفوعات غير المنطقية هذه يقع الكاتب في منطقةٍ رمادية ، ما بين الأمل وما بين الانتكاسة المادية التي بدأت في حياته عند توقيع عقد النشر، ربما في نهاية المقالة سأطلب منكم مقابلًا لكتابتي هذه الكلمات في ساعات الفجر الأولى، وقد أعرض بقية الكلام في متجري "الخاص" ، نعم هذا هو منطِق من يقدم تلك الخدمات، وحاشا الله أن نكون يومًا منهم.