الأحد, 20 ديسمبر 2020 08:51 مساءً 0 559 0
المجامع اللغوية: الدور والريادة في حماية اللغة العربية
المجامع اللغوية: الدور والريادة في حماية اللغة العربية
المجامع اللغوية: الدور والريادة في حماية اللغة العربية

 

أريج إياس بجوي  

 

اللغة رداء الفكر، بها يعبّر الإنسان عما يحتاج إليه، وبما يجول بعقله وقلبه، وهي وسيلة تفاهم بين الأفراد والمجتمعات والشعوب والدول، واللغة ضرورة اجتماعية إنسانية حضارية، تفتضيها الحاجة الملحة إليها، وتنفرد اللغة العربية بميزة لا تتوفر في كثير من لغات الأمم الأخرى، هي أنها لغة الوحي والقرآن والوعاء الذي يحفظ ثقافة العرب وإبداعهم وقيمهم من جيل إلى جيل، فهي جسر التواصل بين الأجداد والأبناء والأحفاد بين ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم، وهي أيضاً سجل تأريخهم، تعبّر عـن شخصية العرب، وتعد اليوم أهم رابط يجتمع عليه شتاتهم. ولا يمكن عـزل اللغة عن واقع أبنائها لأنها مرآة تعكس حياتهم ومستوى تقدمهم أو تخلفهم ، إذا ارتقت الأمة ارتقت لغتها، وإذا انحدرت، انحدرت لغتها، وقد مرّت اللغة العربية كأمتها بأطوار ثلاثة عـبر تأريخها الطويل: طور النهوض والازدهار وطور الرقود والانحدار وطور البعث والنهوض.


المجامع اللغوية هي مؤسسات علمية بحثية تختص بوضع المصطلحات وبشؤون التعريب واللغة في كافة مجالات المعرفة الإنسانية. وتعكس هذه المجامع اللغوية مظاهر العناية التي توليها الشعوب لنقل العلوم والمعارف والحضارات إلى لغاتها بهدف تحقيق النهضة والتقدم وتشجيع الإبداع والتأليف.


الأهداف التي أنشئت من اجلها المجامع اللغوية العربية:
• إثراء اللغة العربية بجعلها مواكبة لمتطلبات العصر
• توحيد المصطلحات العلمية وألفاظ الحضارة
• تشجيع الترجمة والتعريب لزيادة ثروة اللغة العربية وتنمية طاقاتها التعبيرية
• وضع المعاجم التي تواجه حاجات العصر
• تيسير قواعد تعليم اللغة العربية سواء من ناحية النحو أو الصرف أو الكتابة
• إحياء التراث وتحقيق أمهات الكتب العربية القديمة في شتى المجالات

مجامع اللغة العربية الموجودة في الوطن العربي:

1-مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية 
2- مجمع اللغة العربية بالقاهرة
3- المجمع العلمي العربي السوري للغة العربية
4- المجمع العلمي العراقي
5- مجمع اللغة العربية الأردني
6- اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية
7- الاتحاد العلمي العربي
8- مكتب تنسيق التعريب بالرباط

مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية أحد مبادرات الاستراتيجية الوطنية لوزارة الثقافة السعودية، التي أعلنت عنها في مارس 2019، ضمن رؤية السعودية 2030، وذلك للمساهمة في تعزيز دور اللغة العربية إقليميًا وعالميًا.

يهدف إنشاء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية إلى:
•    نشر اللغة العربية وحمايتها، إضافة إلى تصحيح الأخطاء الشائعة في الألفاظ والتراكيب.
•    ترجمة الإنتاجات المعرفية والعالمية.
•    تعريب الألفاظ والمصطلحات الجديدة التي لم يسبق وضع ألفاظ ومصطلحات لها.
•    دراسة كل ما له صلة باللغة العربية من اللهجات.
•    إبراز مكانة اللغة العربية وتفعيل دورها إقليمياً وعالمياً

دور مجامع اللغة العربية في وضع المصطلحات وتوحيدها، لحماية اللغة العربية:
لقد أصبح من نافلة القول أن نذّكر بأن اللغة العربية واجهت من قبُل، كما تواجه اليوم، مخاطر كثيرة وعقبات كؤوداً من الداخل والخارج، وكلها تسعى إلى إفساد اللغة العربية، أو هجرها والإعراض عنها، بوسائل شتى وأدوات خبيثة ُتخفي وراءها صوار من الحقد الدفين على العرب والمسلمين وعلى مقومات حياتهم ووحدتهم وفي مقدمتها اللغة العربية التي أقضت مضاجع أولئك الحاقدين على اختلاف مشاربهم

ونوازعهم، فتارة ينادون بجعل إحدى اللغات الأجنبية لغةَ التدريس في الجامعات، وتارة يرفعون من شأن اللهجة العامية ويريدون إحلالها محل اللغة الفصحى، ولاسيما عن طريق وسائل الإعلام وعبارات الدعاية والإعلان في الشوارع والساحات العامة.

وهذا ما يجعل الغيارى من أبناء الأمة العربية، والحرّاص على عزتها ورفعتها، يدافعون عنها بمختلف الوسائل، ويثبتون أنها جديرة بكل تطور وتقدم وتجديد، وفي مقدمة أولئك مجامع اللغة العربية في دمشق والقاهرة وبغداد وعّمان وغيرها وما فتئت هذه المجامع تدافع عن اللغة العربية وتقيم حولها الحصون والأبراج حفظاً لها، وصوناً لكنوزها المعّرضة للأخطار منذ أن أنشئ المجمع العلمي العربي بدمشق سنة ١٩١٩ وتبعته سائر المجامع العربية الأخرى في مصر والعراق والأردّن والسودان وليبيا وفلسطين، على تعاقبها في التأسيس والإنشاء، وأصبح كل منها يحمل اسم (المجمع العلمي العربي) وقد أدى تزايد هذه المجامع اللغوية إلى تعدد وجهات النظر والآراء في القضايا اللغوية ولاسيما وضع المصطلحات في الوطن العربي، وقد أّدت تلك المشكلة إلى تشعب الجهود وبعثرتها، وما ترتب على ذلك من انعدام توحيد المصطلحات أو صعوبة هذا التوحيد.

وفي محاولة لتوحيد الجهود، عقد مؤتمر قمة للمجامع اللغوية عام ١٩٥٦ في دمشق، تمّ على أثره تشكيل اتحاد للمجامع اللغوية العربية، وهي خطوة جيدة على طريق جمع الكلمة وتوحيد الآراء في الميادين اللغوية وما إليها.

ولعل مجامع اللغة العربية في العالم العربي، تأتي في المحل الأول من حيث متابعة العمل في وضع المصطلحات وتوحيدها بعد تأسيس (اتحاد المجامع اللغوية العربية)
الذي يعّد صاحب الحق والقول الفصل في قضايا التعريب ووضع الاصطلاحات المناسبة للعلوم العربية من أساسية وإنسانية، نظراً إلى ما يتوافر لتلك المجامع من إمكانات مادية مناسبة، ومكانة مرموقة في العالمين العربي والإسلامي، ولأنها تضم نخباً من العلماء والمختصين في مختلف الميادين، ممن أمضوا أعمارهم في البحث والتنقيب أو في الترجمة والتعريب، أو في التأليف والتصنيف، حتى إن هذه المجامع اللغوية العربية أقّرت حتى اليوم مئات الألوف من المصطلحات العلمية والفنية ولاتزال تواصل العمل في هذا السبيل.

 وإن من يشتغل بوضع المصطلح ويمارسه بحثاً وتدريساً وتنقيباً، يحتاج إلى ثقافة واسعة تمكنه من إدراك ماهيته ومن التحكم في استعماله، لأن التحكم في استعمال المصطلح معناه التحكم في العلم نفسه من حيث موضوعه ومنهجه وقضاياه.

ومن ثم كان وضع المصطلحات وإقرارها أمراً صعبا، بل بالغ الصعوبة، ويقتضي وجود علماء مختصين في كل علم أو فن يريدون وضع مصطلحات صالحة له، وأن يكون هؤلاء العلماء متضلّعين من طرائق اللغة العربية في النقل والتعريب والاشتقاق والنحت وما إلى ذلك، ومطّلعين على كل ما أُلّف أو عُّرب سابقاً من ألفاظ وتراكيب تتصل بالعلم أو الفن الذي يضعون مصطلحاته أو يُِقرّونها، حتى يكون عملهم كله مستوفياً لشروطه العلمية والفنية والمنهجية.

 

والحاجة إلى وضع المصطلحات في لغتنا العربية ليست حديثة العهد، ولا وليدة اليوم، وإنما هي قديمة جداً تعود إلى العصر الإسلامي، حين تطورت الحياة بجوانبها المختلفة، لما أحدثه الإسلام من تغيير ورقي حضاري وديني واجتماعي وسياسي، واستدعى ذلك كله تجديداً في اللغة العربية، ألفاظاً وتراكيب، فاستجدّ ما سمي (بالألفاظ الإسلامية) العربية الأصل، من مصطلحات دينية، وشرعية وفقهية ولغوية أكسبت الكلمات معاني جديدة أو متطورة :كالصلاة، والزكاة، والعِّدة، والنفقة، والخليفة، والكتابة، والقضاء، والثغور، والوالي، والخ ارج، والجزية،.. إلخ وكذا ما اشتق

من هذه الألفاظ، من أفعال وأسماء. بل إن الأمر في ذلك العصر تعدى المصطلحات العربية الجديدة في معناها، إلى اقتباس ألفاظ أعجمية كانت شائعة في البلاد المفتوحة، أو على ألسن أهلها الذين دخلوا في الإسلام مبكرين فعُّربت تلك الألفاظ: كالديوان، والخوذة، والدانق، والّرستاق، والبريد، والأسطول، والدرهم، والدينار،...

يضاف إلى ذلك تراكيب وأساليب جاءت مع العصر الإسلامي لم تكن مستعملة من قبل، ومنها (جوامع الكلم) التي نطق بها الرسول صلى الله عليه وسلم كقوله: مات حتف أنفه، حمي الوطيس، ومنها قولهم (أطال الله بقاءك) فإن أول من قالها عمر بن الخطاب لعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما.

أما في عصرنا الحديث فقد اتسعت ميادين النهضة العلمية والثقافية اتساعاً لم تعرفه من قبل، وسبَقنا الغرب إلى حمل راية هذه النهضة بعد أن تخلى العرب والمسلمون عنها روحاً من الزمن، ورافق هذه النهضة الحديثة امتداد أخطبوط الاستعمار والانتداب في أنحاء كثيرة من البلاد العربية خاصة، فضلاً عن الأطماع السياسية في هذه البلاد، وتعرضها لكثير من المخاطر والتحديات التي أصبحت مكشوفة ومعروفة، وكانت اللغة العربية نفسها من جملة ما تعّرض للهجمات الشرسة والتهم الباطلة والدعوات المشبوهة القادمة من الغرب ومن يسير في ركابه من أبناء الشرق عن قصد، أو غير قصد، ومن ثم قام المخلصون من أبناء لغة الضاد ينافحون عنها، وينبهون الأمة إلى ما يحيط بها من مخاطر مختلفة داخلية وخارجية، وكان من ثمرات ذلك إحداث مجامع اللغة العربية –كما تقّدم- وانضمام مكتب تنسيق التعريب في الرباط إلى هذه المنظومة الراسخة، وائتلف هذا الجمع وتآزر من أجل خدمة اللغة العربية ورفع شأنها في مختلف المجالات، ولاسيما وضع المصطلحات الحديثة مماشاة لركب النهضة الحديثة.

ومن هنا كان عمل المجامع اللغوية العربية، متفرقة أو مجتمعة، يستحق الثناء والإعجاب في مجال وضع المصطلحات العلمية والفنية على الرغم من المشكلات التي تعترض سبيل واضعي هذه المصطلحات ومحققيها.

لقد كان درسهم جاداً، وأبحاثهم عميقة، على قلتها. واستقرت لديهم مبادئ لها شأنها، فهم يرون أن اللغة العربية في مرونتها واستقامتها ليست أقل كفاية من اللغات الحية الكبرى في مواجهة متطلبات الحداثة العلمية والحضارية، ووضع المصطلحات المناسبة لكل علم، فقد واجهت ذلك في الماضي البعيد، ولا تزال أهلاً لمواجهته اليوم. وللمجمعيين ومجامعهم العربية في ذلك-كما رأينا-بعض الكتب والمعاجم، ولهم أيضاً قرارات وتوصيات تملأ صحفهم ومجلاتهم ومحاضر جلساتهم ويضيفون إليها جديداً كل عام، ويضعونها في أيدي الباحثين والدارسين ليفيدوا منها ما استطاعوا.

سجل معنا أو سجل دخولك حتى تتمكن من تسجيل اعجابك بالخبر
دلال الرويلي

محرر الخبر

دلال الرويلي
محرر وناشر
محررة وناشرة

شارك وارسل تعليق

بلوك المقالات

الصور

.

.

أخر ردود الزوار

الكاريكاتير

استمع الافضل

آراء الكتاب

admin الدعم الفني
صحفي في قسم مناسبات, رئيس فريق الدعم الفني شبكة نادي الصحافة السعودي
شبكة نادي الصحافة السعودية موجودة في "مبادرة تمكين جودة الحياة
2023-09-07   

آراء الكتاب 2

admin الدعم الفني
صحفي في قسم مناسبات, رئيس فريق الدعم الفني شبكة نادي الصحافة السعودي
شبكة نادي الصحافة السعودية موجودة في "مبادرة تمكين جودة الحياة
2023-09-07   
جمعه الخياط جمعه الخياط
صحفي في قسم مقالات, رئيس مجلس ادارة صحيفة صوت مكة الالكترونية
المملكة تُعيد رسم خريطة التكامل الإقتصادي مع العراق الشقيقة .
منذ 2 يوم   
فايزه عسيري فايزه عسيري
صحفي في قسم اخبار محلية, كاتبة وناشرة ببوابة صوت مكة التثقيفية
أمانة مكة تنظم ورشة حماية النزاهة وتعزيز الشفافية
2022-08-24   
بدر فقيه بدر فقيه
صحفي في قسم اخبار محلية, || محرر وناشر في شبكة نادي الصحافة السعودي. بكالوريوس نظم المعلومات من كلية الحاسب الألي بجامعة الملك خالد بأبها
عندما يتعرض مصاب بالسكري لنوبة انخفاض السكري وهو واعي
2018-11-20   
عيشه حكمي عيشه حكمي
صحفي في قسم اخبار محلية, محررة وناشرة بالصحيفة
رحلة اكتشافه للبيوت التراثيه لقريه عتود
2019-01-04   
حنين مسلماني حنين مسلماني
صحفي في قسم ثقافة وفنون, محرر وناشر
متصل الان (أحاديث قهوة )
2019-01-18   
شمعه خبراني شمعه خبراني
صحفي في قسم اخبار محلية, محرر وناشر بصحيفة صوت مكة الاجتماعية
وزارة العدل تتيح الاستعلام الإلكتروني عن الإقرارات
2019-12-15   
حورس الدعم الفني
صحفي في قسم اخبار محلية, مسؤول الدعم الفني
صناعة المشاريع دورة تدريبية بمكة
2024-01-24   
ساميه بكر سامية بكّر
صحفي في قسم مقالات, مدير تحرير القسم النسائي بمكة
مسيرة عطاء
2020-11-20   
سلمى البكري سلمى البكري
صحفي في قسم مقالات, مدير تحرير القسم الأدبي بالصحيفة
الحياة بين إقبال وإدبار
منذ 6 يوم و 1 ساعة