الكاتب والإعلامي سمير عالم في حوار مع صحيفة صوت مكة الإجتماعية :

لقب الكاتب أو الإعلامي لقب براق يستهوي الكثيرين لِيَتَلَقب بأحدهما ولكن مجرد إكتساب هذه الصفة لا يعني التميز والنجاح .

حوار : سلمى البكري

في بداية الحوار نرحب بالأستاذ سمير عالم في صحيفة صوت مكة الإجتماعية ومن خلال زاويتها شذرات حوارية ونشكرك على إتاحة الفرصة لنا لإجراء هذا الحوار الثمين والمهم معه.

- حدث القارئ الكريم عن بداياتك الأولى، ومن كان خلف هذا التميز الذي نلمسه إعلامياً ولغوياً ؟

*عادة ما يلجأ الإنسان إلى وسيلة ما للتعبير عن شعوره، وتكون تلك المشاعر العاطفية في أوجها في سنين المراهقة، وهذه هي نفس المرحلة التي بدأت فيها، بتدوين بعض النصوص العاطفية والكثير من المحاولات الشعرية الفاشلة، التي وصلتُ معها إلى قناعة وهي أنني لن أنجح في مجال الشعر، وكانت القراءة والتأمل هي المفتاح للوعي والدافع لي نحو التوجه بشكل أكبر لكتابة المقالات، وكان أول مقال نشرته في مجلة رسمية وأنا بعمر 23 عاماً، مع الأخذ في الإعتبار بأن النشر في التسعينات الميلادية من القرن الماضي، لم يكن بالسهولة المتعارف عليها في وقتنا الحالي.
في مرحلة لاحقة توقفت لمدة عن ممارسة أي نوع من الكتابة وإستمر الإنقطاع لسنوات طويلة، ثم عدتُ مجدداً وأنا أحمل الكثير من الخبرات الحياتية، التي تساعدني على أن أكتب كل ما أفكر فيه بشكل أكثر وعياً وعمقاً، وأكثر قدرة على صياغة أفكاري. ولله الحمد فقد وجدت من حولي الكثير من الداعمين ممن جمعتني بهم علاقات الأخوة والصداقة من داخل المجال الفكري والأدبي والإعلامي .

- لك العديد من المقالات والحوارات الصحيفة، أيهما أقرب إليك، كتابة المقال أم الحوار الصحفي؟ وما هي طقوسك خلال إعدادك للحوار الصحفي؟

- أنا عاشق لكتابة المقالات، فمن خلالها يمكنني إيصال الرسالة الهادفة إلى الجميع، أما العمل الإعلامي فهو نوع من الشغف الذي أمارسه، ووجدت نفسي بالصدفة أنخرط فيه دون تخطيط مسبق، ولا توجد لدي طقوس معينة، ولكن ما يلزمني للنجاح في هذا المجال، هو الإختيار الدقيق للضيف والإعداد الصحيح وطرح الأسئلة المناسبة.

- "كل عيلة ولها حل"، مسلسل إجتماعي كوميدي بث من إذاعة جدة، حدثنا عن هذا المسلسل وأهميته وتجربتك في كتابة المسلسلات الإذاعية؟

*تجربة مسلسل "كل عيلة ولها حل" والذي بث من خلال إذاعة جدة في رمضان 2019م، كان تجربة إستمتعت بها كثيراً، خاصة مع وجود الفنانين الذين شاركوني في هذا العمل .
وبرأي فأن المسلسلات الإذاعية، لازالت تحتفظ برونقها الكلاسيكي الجميل، ولا يزال لها جمهور من الجيل السابق والحالي. والمسلسل يتناول بعض المواقف الإجتماعية ولكن في إطار كوميدي خفيف، وكان بالنسبة إلي تحدي جديد، ومجال مختلف عن ما إعتدت ممارسته، خاصة أنه ذو طابع كوميدي، وهذا النوع من الكتابة من أشد أنواع التأليف صعوبة وتعقيد، ولكن ولله الحمد أن ردود الفعل على المسلسل كانت جميلة ومرضية، حيث تمكنت من أن أرسم الإبتسامة على ملامح المستمعين، من خلال تلك المواقف والحوارات التي تضمنتها الحلقات.

- الليل دائما يستلهم الشعراء والكتاب لكتابة أعمالهم المبدعة، هل توافق أن هناك صفات مشتركة بينهما من خلال الكتابة والإبداع ؟

*سحر الليل ينساب مع الظلام إلى نفس الكاتب والشاعر والفنان ويمنحهم الشعور بالسكون، وهذا بلا شك له الأثر البالغ، فكلهم بحاجة إلى ذلك السكون، وبالنسبة لهم هي حاجة وليست رفاهية لمجرد الرغبة في البعد عن صخب وضجيج الحياة، بل هم بفطرتهم ميالين إلى ذلك الإنعزال ومن خلال عزلتهم يكونون قادرين على صياغة إبدعاتهم.

- كما نعرف أن على الإعلامي أن يكون حياديا ً، هل من المفترض أن يكون كذلك في طرحه للقضايا، أم عليه أن يميل لقضية تخدم أفكاره أو تؤيدها؟

*لا يمكن لي كإعلامي أو كشخص عادي أن أكون حيادياً بالكامل أو على الدوام، فعندما تتعارض أي فكرة مع جوهر قناعاتي سأكون مضطراً للدفاع عنها، كما أنني أرى أن نجاح الإعلامي لا يمكن أن ينتج من مجرد تناوله لمسائل معينة بطرحها للنقاش، ولكن على الإعلامي أن يمتلك ثقافة عالية تؤهله لمناقشة ومحاورة الضيف ومجاراته في كل ما يطرح، وبتقديم الرأي المخالف والاستشهاد بما يملكه من معرفة أدبية وشرعية وتاريخية، لتساند أو تفند الفكرة التي يدور حولها النقاش.ولعل أسلوب السؤال والجواب المتبع من بعض الإعلاميين في الحوارات الصحفية أو اللقاءات المصورة هو الأسلوب الأسوأ لنجاح أي حوار أو لصناعة نجومية لأي إعلامي، فاللقاء لابد أن يكون عبارة عن حوار متبادل بين الطرفين المقدم والضيف، ولكن المطلوب من الإعلامي هو الإبتعاد عن فرض وجهة النظر الواحدة على الضيف ومنحة مساحة كافية لطرح وجهة نظره .

- كيف ترى الجيل الجديد من الكتاب والإعلاميين الشباب، وهل هم على قدر من المسؤولية، أم أنهم بحاجة للخبرة العملية في الحياة قبل ممارسة المهنية ؟

*الكتابة على إختلاف تصنيفاتها والإعلام كذلك كلاهما يندرج تحت الأنشطة الإبداعية، ويلزمهما بالدرجة الأولى وجود الشغف لدى من ينوي الإنخراط فيهما، وكلاهما يتطلب وجود مستوى عالي من الثقافة والإطلاع، ومن ثم وجود الإلتزام بالمهنية، وهناك نماذج رائعة تستحق الاحترام والتقدير، ولكن الأغلب ينقصه الكثير ليتمكن من النجاح في هذه المجالات، والساحة تتسع للجميع ولكن النجاح والإستمرار دائما للأفضل .

- هل خدمت شبكة التواصل الإجتماعي الكتاب؟ وهل ساعدت على إزالة الحدود بين الكتاب خصوصاً والمثقفين عموماً ؟
*كما أشرت سابقاً، فمسألة الإنتشار في الماضي القريب كانت عائقاً يقف أمام أي مبدع، وكانت القنوات التي تمنح الفرصة للكتاب للظهور واللإنتشار محدودة ومحصورة على أسماء قليلة، ولكن وسائل التواصل الإجتماعي كسرت ذلك اللإحتكار وتجاوزت كل تلك الوسائل السابقة من صحف أو قنوات تلفزيونية، وقدمت الكثير من الوسائل والحلول البديلة، وتساوت الفرص أمام الجميع لنشر ابداعاتهم، وتغيرت المعادلة بحيث باتت تلك الوسائل التقليدية هي من تبحث عن المتميزين في وسائل التواصل لتسلط عليهم الضوء، كما أنها قربت المسافة كما أشرتِ بين الكتاب وقرائهم، بحيث مكنت الكاتب من أن يتلقى ردود الفعل بشكل مباشر وسريع، على كل ما يقوم بطرحه على حساباته الشخصية وأتاحت الفرصة للتواصل وتلقي النقد والملاحظات الإيجابية أو السلبية.كما أوجدت ذلك المجتمع الذي يستقطب كل المثقفين ويتجاوز المسافات التي تفصلنا عن بعضنا البعض وبذلك شكلت في الحقيقة ثورة ثقافية كبيرة.

- بماذا ينصح الأستاذ سمير عالم الكتاب والإعلاميين الشباب، الذين ما زالوا في بداية طريقهم لكي يصلوا إلى طريق النجاح والتطور؟

- لقب الكاتب أو الإعلامي لقب براق يستهوي الكثيرين  لِيَتَلَقب بأحدهما، ولكن مجرد إكتساب هذه الصفة لا يعني التميز والنجاح .ولابد من أن يدرك كل منهما أنهما يساهمان بشكل كبير في صياغة الوعي المجتمعي، وهذا يتطلب الكثير ويلقي بثقل المسئولية على عاتقهم ،الثقافة والالتزام بالهدف من أهم أسباب النجاح في كلا المجالين، وإمتلاك المفردات اللغوية وسيلة لصياغة الرسالة وإيصالها بشكل واضح وقوي، وأنصح الجميع في الإستمرار بالقراءة ومتابعة البرامج الوثائقية والحوارية، التي تساهم بشكل كبير في الإرتقاء باللغة والتطوير من الأسلوب في التحاور، وعدم الهرولة خلف النجاح السريع لأن النجاح السريع سيعقبه سقوط أسرع .

- في ختام حوارنا الجميل هذا، هل من كلمة أخيرة لهيئة تحرير صحيفة صوت مكة الإجتماعية وقرائها؟

*في الختام أشكر صحيفة صوت مكة الإجتماعية على كل الدعم الملموس من طرفهم للجميع، سواء كانوا كتاباً أو إعلاميين، وأشكرك أستاذة سلمى على الإستضافة وأتمنى لكِ مزيد من التألق والنجاح، وتحياتي الكبيرة لقرائي وقراء صحيفة صوت مكة الإجتماعية