مصطلح " الإنسانية "
بقلم الكاتب / سمير عالم
كل تجمع بشري يعمل على خلق وترسيخ قيم يراها من وجهة نظره أنها الأمثل والأنسب لأسلوب الحياة .
وبالرغم من وجود العديد من الثقافات التي تعيش على الأرض ورغم كل هذا التنوع الكبيرفي الثقافات ، إلا أن هناك قيماً مشتركة بينها بقدر ذلك التنوع والتميز الذي يخلق ذالك التفرّد .
التاريخ زاخر بقصص الإمبراطوريات والحضارات، وكل حضارة كانت لها معايير وقيم ومباديء تحكمها وتنادي بها بهدف الارتقاء والسمو بالجنس البشري ، إلا أن العديد منها لها وجه مظلم آخر لا يمت إلى الإنسانية أو الأخلاق والسمو بصلة ،
ولا ننسى أنها نشأت في الأساس على سفك الدماء والسلب والنهب لإقامة تلك الإمبراطوريات،وازدراء الآخر باعتباره أقل شأناٌ من أسياده الذين يحكمونه، ودائماً ما كانت الطبقية في المجتمعات أمراً شائعاً بل ومرحباً به في بعض الأحيان ،
سواءً من منظور عرقي عنصري أو مهني أو حتى من منظور جنسي يجعل من المرأة في درجة أقل تكريماً من الرجل ،ولايرى بأساً بتحويل العبيد وأسرى الحروب إلى وسيلة ترفيه وحشية يتم التلذذ من خلالها بمنظر الدماء وموتهم البطيء
في حلبات المصارعة عند الرومان .
ربما نعيش اليوم في عصر أقل وحشية من ذلك ، ولكن ليس بالضرورة أننا نعيش فيه بشكل أكثر احتراماً للقيم ، وربما
نعيش في عصر أكثر وعياً بحرية الفرد ولكنه يتجاهل بشكل فج الأخلاق والفطرة السليمة ، ويحمي السلوك الشاذ والمنحرف
ويسمح لأي فكر متطرف بمساحة حرية مبالغ فيها .
إذاً .. لا يمكن لنا اعتماد ما يصطفيه الإنسان لنفسه كقيمة ومبدأ أخلاقي على أنه الأسلوب الأمثل للحياة ، ولابد من وجود تشريع إلاهي يعمل كدستور ومرجع لغربلة تلك القيم والإبقاء على ماهو سليم واستبعاد ماهو شاذ عن الفطرة ،
ولابد أن نأخذ في الاعتبار أن البشرية هي امتداد لسلالة إنسان واحد هو " آدم " عليه السلام ، والذي كان موحداً بالله وهبط من الجنة وهو يحمل التشريع الإلاهي الذي حدد المعايير السليمة التي تتناسب وفطرة الله التي فطر الناس عليها، وكل القيم المشتركة بين الثقافات من " صدق ومحبة وعطاء وأمانة وحرية معتقد وعبادة " هي امتداد لذلك التشريع الإلاهي ، وليست قيم ابتكرها الإنسان وقام بتمجيدها من تلقاء نفسه .