عندما ضربتُ عليها بكفي لم أعلم أن كتفها الأيمن تؤلمها ، صاحتْ من الألم ، فزعتْ فزعا شديدا ،نظرتْ إليّ بوجه باكٍ بلا صوت ، شعرتُ بالمرارة والألم أيضا ، كل يوم أراها أمامي تعمل بلا شكوى أو تذمر ، لم تلفتْ أحدا أو يلتفتْ إليها أحد وهي تعاني ، أقسمتُ أن تصارحني عن شكواها ، تركتني لشأني وذهبتْ تكمل بقية يومها ، توسطتُ الصالة الكبرى التي تتقاطع عندها كل المداخل والتفاصيل لأرى ماذا هي فاعلة، كانتْ تمشي حينا وترتاح بعض الوقت لتضغط على جهتها اليمنى ، بينما أظهر لها عدم اهتمامي ، أنهتْ معظم واجباتها اليومية ، دنوتُ منها ، جعلتُ أمرر يدي برفق على موضع ألمها وهي تتوجع ، نزعتُ كمَّ ثوبها لأرى ماذا يخفي هذا الثوب من الألم ، هالني ما رأيت ، قلتُ لها : لاعمل بعد اليوم ، غدا سنذهب لعلاجك ، قرأتُ سرورا عظيما في عينيها ، لم أشأ أن أعكر مزاجها وأسألها عن سر هذا الصبر على المرض ، على السرير الأبيض وضعوا لها صورة لمكان الشكوى ، وعلى الكرسي المقابل للطبيب وُصف لها العلاج ، يومٌ من الراحة أعاد لليد اليمنى حيويتها ، عادتْ وهي تشعر بسعادة غامرة ، دخلتْ مستعجلة نحو عودالمكنسة والأطباق التي لم تتمكن من غسلها، قلتُ لها: اليوم للراحة ، أحضرنا غداء جاهزا ، تناوب الجميع على المهمات التي كانت تتكفل بها عندما كانوا في راحة ، قاموا جميعا يمارسون مهنة تدليك الكتف المرهقة ، نهضتْ ونهضوا معها ، احتضنتهم دون استثناء ، قالوا لها :حياتي ، قالتْ لهم : أنتم حياتي ، غاب الألم في حضورهم ، عادتْ من جديد لتفعل ماكانت تفعله من قبل ، هذه المرة لم تغبْ عن أنظارهم
بقلم / محمد الرياني .