في الكون ايات بها أبهى العبر
الشاعرة / نسيبة العماني
في الكَونِ آياتٌ بها أبْهَى العِبَرْ
وعلى المَسِيْرِ يَدُلُّنا فيها الأَثَرْ
فالكونُ يَشْهَدُ مُوقِناً أنَّ الذي
قد أَبدعَ الخَلْقَ العَظيمَ لنا أَمَرْ
فلئن نظرتَ إلى السماءِ فجَلَّ مَنْ
فَطَرَ السما والشمسَ والنجمَ الأغَرْ
ولئنْ نظرتَ إلى الكواكبِ عادَ مِنْ
إيمانِهِ مستَسلِماً منكَ النَّظَرْ
قد سَبَّحَتْ تلكَ السماءُ لِخالقي
وهِلالُها إنْ كانَ بدراً أو قَمَرْ
صبحٌ وليلٌ جَلَّ مَنْ جَلَّاهُما
للناظِرينَ وذاكَ مِنْ هذا انحسَرْ
صيفٌ خريفٌ والشتاءُ ببِردِهِ
ثم الربيعُ بِحُسنِهِ تحلو الصوَرْ
حَرٌّ وبَرْدٌ واعتدالٌ جَلَّ مَنْ
قد نَوَّعَ الأيامَ في حَرٍّ وقَر
سُبحانَ مَن أجرى السحابَ بِحكمَةٍ
وأغاثَنا مِن بعدِ قَحْطٍ بالمَطَرْ
أحيا بهِ الأرضَ التي انتَعَشَتْ بِهِ
وتَزَيَّنَتْ مِن بعدِ هذا بالشَّجَرْ
أجرى بهِ الوديانَ في قِيعانِها
فتَجَمَّعَتْ بعدَ الشَّتاتِ إلى النَّهَرْ
وسَقَى التي حُرِمَتْ سحائبَ غَيثِها
حتى تَجَمَّعَ في البحارِ وقد غَمَرْ
إنَّ الطبيعَةَ لا تُذَلِّلُ نَفْسَها
بل سبَّحَتْ للهِ في بحرٍ وبَر
قَدَرٌ بهِ تمضي الحياةُ بنا وهل
تمضي الحياةُ بغيرِ حُكْمٍ أو قَدَرْ
انظرْ إلى الطيرِ الذي جَعلَ السماء
طريقهُ وعلى الهواءِ لقد عَبَرْ
والحوتِ في قاعِ البحارِ يخوضُها
ولَهُ بها في القاعِ نِعمَ المُستَقَرْ
والناسُ في البَرِّ الفَسيحِ تَمَلَّكَتْ
هذا وذاكَ على البوادي والحَظَرْ
مُستخلفونَ بأَرضِ مَولانا الذي
خلقَ الخلائقَ ثم سَخَّرَ للبَشَرْ
لكنَّ جُلَّ الناسِ قد كَفروا بهِ
ونَسُوا بأنَّا في البَسيطَةِ نُخْتَبَرْ
والبعضَ منهم آمنوا لكنَّهُمْ
يعصونَ جَبَّارَ السماءِ ومَنْ فَطَرْ
والبعضُ مِنْ بَعضِ العِبادِ تَعَبَّدوا
صدقاً وإخلاصاً ليَنجوا مِن سَقَرْ
دُنيا ابتلاءٍ وامتحانٍ إنَّما
بعضُ العِبادِ أصابَهم فيها البَطَرْ
هذا يعيثُ وقَد تَناسَى رَبَّهُ
بل ذاكَ لم يَأْبَهْ وبالمولَى كَفَرْ
واللهُ عدلٌ سوفَ يَقضي يومَها
إنَّا إليهِ وما مِنَ اللهِ المَفَرْ
وإليهِ ربي المُلْتجَى ومَصيرُنا
كلا وكلا ثم كلا لا وَزَرْ
سَنَرَى بيومِ الفصلِ ما قد قَدَّمَتْ
نفسٌ ونُجزَى إنْ بخيرٍ أو بِشَرْ
إمَّا إلى جناتِ عدنٍ ساقَنا
أو نحو نيرانٍ يطيرُ بها الشَّرَرْ
قد فازَ مَن للهِ أذعَنَ مُخلِصاً
عَرَفَ الصوابَ وزاغَ عَنْ فِعلِ الخَطَرْ